استشهاد القادة ليس النهاية.. الدماء تزرع في تراب غزة.. والمئات من السنوار سينهضون
استشهاد يحيى السنوار ليس النهاية، هو بداية الحكاية، فهنالك في تراب غزة المئات من يحيى سوف ينهضون، وينغصون على الاحتلال وليس بوسعه اغتيال الجميع
داما بوست- خاص| اغتيال المقاومة في غزة وغيرها ليس بالأمر السهل عبر اغتيال أشخاص سواء كانوا قيادات أو عناصر، فالمقاومة شجرة تزرع وتسقى بالدماء، ولها جذور ضاربة في أرضها ومن الصعب اقتلاعها مهما قطعت النيران أغصانها وأسقطت من ثمارها.
ولطالما كانت الحياة في فكرهم ذات طعم له نكهة الكرامة، فحياة الذل الموشاة بالتبعية والهزيمة والانقياد لا وجود لها في قواميسهم، قادة في ميادين الجهاد ضد حماة القتل ومروجي التطبيع مع المحيط، دعاة “الشرق الأوسط الجديد” على مقاسهم ومقاسم أدواتهم.
المقاومون ينهضون من جديد رغم الجراح، وهم حماة الإنسانية، قادة في المقاومة يردون الحجر من حيث أتى على شاربي الدماء في غزة ولبنان من زمرة الشر ومحور النازية، تمرسوا في القتال من أجل الحق ووقف زحم خلايا الاحتلال الخبيثة في الجسد العربي من المحيط إلى الخليج.
المقاومة لا تموت ورجالها حماة الديمقراطية على طريقة المقاومة الأصيلة، ديمقراطية الحياة لا ديمقراطية الموت، التي يروج لها الغرب وتتحلى بها “إسرائيل” كحلية زائفة وتدعي أنها البلد الديمقراطي الأوحد، تكذبها زراعة الموت في طرقات غزة وفي ضواحي لبنان، وحرق الأجساد بنار الحقد الدفين، وصواريخ ديمقراطيتهم الذكية.
وتزرع المقاومة الحياة بسواعد مقاومين هم حماة الحياة من الطراز الأول فالحياة تولد من رحم البندقية التي تقاوم الموت، موت الكرامة وموت النخوة وموت روح ممانعة الأعداء من يريدون بالفعل قتلنا وقتل الحياة فينا إلى غير رجعة.
استشهاد يحيى السنوار ليس النهاية، هو بداية الحكاية، فهنالك في تراب غزة المئات من يحيى سوف ينهضون، وينغصون على الاحتلال وليس بوسعه اغتيال الجميع، ليس بوسع الاحتلال اغتيال كل المقاتلين، فالكل مقاتلين في أرض المعركة، وعندما يشهد العدو بذلك يكون ذلك من الدلائل على الفشل في قتل روح المقاومة رغم قتل قياداتها، فالقناة “13 ” الصهيونية تقول “هذه المنظمات (في محور المقاومة) مثل طائر الفينيق، تعود كل مرة للنمو وتتغيّر من جديد، فحتى بعد عماد مغنية الذي كان حقاً مسؤولاً كبيراً، فإن بنية قوة حزب الله بنيت بعده، ويجب طرح هذا على الطاولة”.
القضاء على حركات المقاومة ضرب من المستحيل وغير ممكن، ولو حاربها الاحتلال طوال الوقت فلن يستطيع القضاء عليها، وفي نظرة تاريخية، وواقعية لا يمكن القضاء عليها، لأنها مبنية بشكل قاطع على الأيديولوجيا والفكرة الحية التي تقاتل بشعاع النور والحق والاستناد على الأرض والجذر والتاريخ.
ونحيل الجميع إلى ما قالته عضو “الكنيست” الصهيوني عاميت ليفي “الآن يوجد في غزة مليون ونصف مليون سنوار.. وعليه يجب تغيير الاستراتيجية من الإغارات إلى السيطرة وأقل من هذا هو خداع للجمهور”، ولكن نقول للصهيونية ليفي هل بإمكان جيش احتلالكم السيطرة الميدانية بالفعل وليس بالقول على غزة وقطاعها، ولكن أفضل ما نطقت به ليفي أن في غزة مليون ونصف مليون سنوار.
لقد جعل الاحتلال من السنوار مناراً من دم بإقرار الإعلام الإسرائيلي بأنّ المشاهد التي نشرها جيش الاحتلال الإسرائيلي لاشتباك السنوار قبل استشهاده “جعلت منه أسطورة لن تتغيّر لأجيال”، وأوحى هذا المشهد بالحقد على كيان الاحتلال وحافزاً على متابعة مسيرة السنوار والثأر لدمائه، ولدماء من سقطوا شهداء في غزة وخارجها.
لا شك أن استشهاد السنوار لن يحقّق أهداف الاحتلال الاستراتيجية، ولن يتسبب في هزيمة دائمة للمقاومة أو تغيير حساباتها، فهي شاهدت في كل مكان ما فعل السنوار من قتال بعزة وشرف ضد الاحتلال حتى آخر قطرة من دمه، وهذا ليس بالأمر العابر في قاموس المقاومة، التي تبجل القادة المقاومون بالفعل والقول.
وباعتراف العدو أصبح الشهيد السنوار شخصية أكبر بكثير من الشخص نفسه، واستشهاده لن يغيّر صورة السنوار هذه لأجيال قادمة، و”إسرائيل” بفعلها هذا يبدو أنها منفصلة عن الواقع والتاريخ وتريد إحراز نصر وهمي لذلك نجد أنها تجد صعوبة في فهم حماس، وحركات المقاومة على امتداد المنطقة.
المقاومة في فلسطين تخلق في كل يوم معادلة جديدة وهي تغير استراتيجياتها وفق الظروف والأحوال، وستبقى راسخةً بعد استشهاد يحيى السنوار، تقاتل مثله حتى الرمق الأخير مع آخر قطرة دم، ومجلة “فورين بوليسي” عنونت بشكل مثير حول ذلك بقولها “السنوار مات.. حماس حية جداً”، وقالت إنّ التاريخ يثبت أنّه لا يمكن تحقيق النصر في الحرب بمجرد قتل الذين ينتمون إلى حركة مقاومة، وآخرين “سينهضون مع مرور الوقت ، كما حصل دائماً، من أجل مواصلة المقاومة بعد السنوار.”
السنوار لم يرتقي على فراشه بل ارتقى في أرض المعركة، ولم يمت برصاصة، بل بقذيفة دبابة، وهو يشتهي ذلك كرجل في المقاومة الفلسطينية، يأبى الموت على الفراش، وغزة تسبى وتقتل، واللحظات الأخيرة الموثقة لحياة السنوار دليل على ذلك والمشاهد البطولية لن تؤدي إلا إلى ضمان استمرار التحدي والقتال، وإظهاره كرجل التزم بكلماته، وسيلتزم من بعده من رجال في المقاومة بنفس النهج.
من المؤكد أن المقاومة في فلسطين “حماس” وغيرها من حركات مقاومة لن تنهار بعد استشهاد السنوار، وغيره من قادة مقاومين فـ “إسرائيل اغتالت العشرات من قادة “حماس”، منذ تأسيس الحركة في الثمانينيات، وهذه الضربات لم تمنع حماس من التعافي، وفي كثير من الأحيان، بشراسة أكبر، ولن تستطع “إسرائيل” منع حماس من استئناف أي دور في قطاع غزة بعد الحرب، وهي تواصل القتال وتشن هجمات جديدة في المناطق التي زعمت “إسرائيل” أنّها قضت على المقاومة فيها.