سوريا: استقالات جماعية للعاملين في الدولة وتفاوت في الرواتب يشعل الجدل

بدأت العديد من الإدارات العامة في سوريا إبلاغ الموظفين والعاملين لديها بانتهاء الإجازات المأجورة الممنوحة لهم، وضرورة العودة إلى العمل أصولاً اعتبارًا من الأول من الشهر الجاري، بناءً على تعليمات الأمانة العامة لرئاسة الجمهورية. هذه الخطوة فتحت باباً واسعاً من الجدل، مع تزايد التقارير عن استقالات جماعية، غياب الشفافية، وتمييز في الرواتب والتعويضات.

مخالفات قانونية في منح الإجازات المأجورة:

بحسب مصادر مطّلعة تحدثت لصحيفة “الأخبار” اللبنانية، تعمل الهيئة المركزية للرقابة والتفتيش حاليًا على إعداد مذكرات تفصيلية حول المخالفات القانونية المرتكبة في ملف الإجازات المأجورة. وتشير القوانين النافذة إلى أن منح الإجازات لا يجوز إلا بناءً على طلب خطي من العامل نفسه، الأمر الذي خُرق في العديد من الجهات الرسمية خلال الأشهر الماضية.

مصدر في الاتحاد العام لنقابات العمال أكد أن هناك شبهات فساد وتجاوزات كبيرة في ملف منح الإجازات، بدءاً من سرعة إعداد القوائم، إلى هوية من وضع الأسماء دون معايير واضحة. واعتبر أن هذه التجاوزات تهدف إلى إضعاف السلطة الانتقالية الحالية، وتم تنفيذها بتوجيه من موظفين سابقين في عهد النظام السابق.

تنفيذ متباين… وعودة محفوفة بالمشاكل:

رغم توحيد التعليمات، فإن طريقة التنفيذ تفاوتت بين الوزارات:

في وزارة الكهرباء، تم إعادة جميع العاملين مع احتفاظهم بكافة حقوقهم وتعويضاتهم (النقل، الطبابة، الخدمات).

أما في وزارة الصناعة، فقد عاد العاملون إلى مؤسساتهم مثل شركة غزل الساحل ومؤسسة الأقطان دون أي مزايا، رغم أن بعض هذه المؤسسات متوقفة عن العمل فعلياً.

تقول عاملة في شركة غزل الساحل بجبلة: “أدفع يوميًا 30 ألف ليرة مواصلات للوصول إلى شركة متوقفة عن العمل. لا كهرباء، لا ماء، ولا خدمات… النتيجة؟ اخترت تقديم استقالتي مع عشرات العاملين”.

سياسة تطفيش متعمّدة؟

بعض العاملين في شركة محروقات أكدوا أن سياسة التعامل معهم بعد العودة تهدف إلى دفعهم للاستقالة:

1- منعوا من استخدام وسائل النقل الخاصة بالشركة

2- لم يتم تحديد أماكن عمل واضحة للبعض

3- أُرسل كثير منهم إلى مناطق بعيدة جداً عن سكنهم تحت ذريعة “الحاجة”

إلغاء الندب والتكليف وعودة إلى الوظائف الأصلية:

في وزارات مثل الاقتصاد والتجارة الداخلية، تم إلغاء كل قرارات الندب والإعارة، وإجبار الموظفين على العودة إلى مواقع تعيينهم الأصلية، وهو ما شكّل صدمة للبعض، خاصة من لا يملكون سكناً في دمشق أو من فقدوا منازلهم ووظائف أزواجهم العسكريين.

التعيينات والعقود: فوضى وتفاوت كبير:

قرارات العودة لم تكن وحدها محل الجدل، إذ شهدت الأيام الماضية إلغاء العقود السنوية والانتقال إلى عقود شهرية وفق ما يُعرف بـ”نظام التعيين في إدلب”، وهو نظام يُستخدم لإدارة الموارد البشرية بطريقة مرنة لكن دون ضمانات طويلة الأجل.

تمييز كبير في الرواتب بين المثبتين والمؤقتين:

أحمد، أحد العاملين الدائمين منذ 20 سنة، أكد أن راتبه لا يتجاوز مليون ليرة سورية، بينما زملاؤه المؤقتون يتقاضون ما يعادل 150 دولاراً شهرياً بعد تحويل الرواتب إلى تطبيق شام كاش.

عاملة أخرى قالت إنها لم تحصل على أي تفسير لعدم تجديد عقدها السنوي، في وقت جُدّدت فيه عقود زملاء آخرين برواتب أعلى، دون وجود معايير شفافة أو تقييم معلن.

النظام الإداري الجديد: هل يخدم العدالة الوظيفية؟

في تصريحات لأحد المدراء، أوضح أن العمالة ستُوزع وفق الحاجة، والعائدون من الإجازات أمامهم خياران: القبول بالمكان الجديد أو تقديم الاستقالة. العقود القديمة أُلغيت، والاعتماد حالياً على عقود جديدة شهرية ضمن نظام تعيين تجريبي بدأ تطبيقه في إدلب.

خلاصة وتحذير:

يعيش القطاع العام السوري اليوم فترة من الاضطراب الإداري والوظيفي غير المسبوق:

1- نهاية الإجازات المأجورة وضعت آلاف العاملين أمام الاستقالة القسرية

2- غياب العدالة في الرواتب والتعويضات خلق حالة من التذمر العام

3- غياب الشفافية في العقود والتقييمات يهدد استقرار الموارد البشرية

ويحذر مراقبون من أن الاستمرار في هذه السياسات دون خطة واضحة أو قوانين إصلاحية شاملة (مثل قانون الخدمة العامة المنتظر) سيؤدي إلى نزيف مستمر في الكفاءات الوظيفية، وزيادة الفساد الإداري، وانهيار ثقة المواطن بالدولة.

إقرأ أيضاً: موظفو كهرباء إدلب يحتجون للمطالبة بإعادة توظيفهم

إقرأ أيضاً: موظفون سابقون يواجهون غرامات وتحديات قانونية رغم مراسيم العفو

المزيد ايضا..
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.