الشيباني في واشنطن: بين ضغوط العقوبات ومفاوضات “إسرائيل”
شهدت العاصمة الأميركية واشنطن، زيارة لوزير الخارجية السوري أسعد الشيباني، هي الأولى لمسؤول سوري بهذا المستوى منذ نحو 25 عاماً. وتُعدّ الزيارة نقطة تحول لافتة في مسار العلاقة بين دمشق وواشنطن بعد عقود من القطيعة، في ظل ملفات معقدة حملها الوزير السوري، على رأسها مسألة رفع العقوبات الأميركية المفروضة بموجب “قانون قيصر”، إضافة إلى مناقشة اتفاق أمني مع الاختلال الاسرائيلي وفق ما نقلت مصادر إعلامية أميركية بينها موقع “أكسيوس”.
نقاشات في الكونغرس
الزيارة جاءت بالتزامن مع نقاشات داخل الكونغرس حول مصير قانون “قيصر”، حيث التقى الشيباني عدداً من المشرعين من الحزبين الجمهوري والديمقراطي. بعض أعضاء الكونغرس يرون أن العقوبات فقدت جدواها، معتبرين أن استمرارها يعيق الاستثمارات وإعادة الإعمار، بينما يحذر آخرون من رفعها بدعوى أن الحكومة السورية لم تقدم ما يكفي من ضمانات حول المساءلة وحقوق الإنسان.
المبعوث الأميركي إلى سوريا، توم باراك، أبدى تفاؤله في مقابلة مع صحيفة “ذا هيل” الأميركية بإمكانية إلغاء القانون بشكل كامل، مؤكداً أن “من الضروري أن نمنح السوريين فرصة ونرفع العقوبات”، مشيراً إلى أن سوريا “أبدت التزاماً بتنفيذ ما طُلب منها بشأن المساءلة”.
من جانبه، اعتبر السيناتور الديمقراطي ريتشارد بلومنثال عقب لقائه الشيباني أن الاجتماع كان “بناءً ومثيراً للاهتمام”.
مفاوضات مع “إسرائيل”
ملف العلاقة السورية ـ الإسرائيلية كان حاضراً في واشنطن. وبحسب موقع “أكسيوس”، فإن الشيباني التقى قبل وصوله العاصمة الأميركية وزير الشؤون الاستراتيجية الإسرائيلي رون ديرمر، حيث طُرحت أفكار حول اتفاقية أمنية بين الطرفين. تشمل المطالب الإسرائيلية إقامة منطقة عازلة موسعة على الحدود الجنوبية، وفرض قيود على تسليح الجيش السوري في الجنوب، إضافة إلى منطقة حظر جوي تمتد من جنوب غرب دمشق حتى مرتفعات الجولان.
مواقف متباينة داخل الكونغرس
الباحث في المجلس الوطني للعلاقات الأميركية العربية، فادي حيلاني، أوضح أن الخطوة تهدف إلى إيجاد مسار سياسي واقتصادي يتيح رفع العقوبات، لكنه شدد على أن “الأبواب ليست جميعها مفتوحة أمام سوريا في الكونغرس”. وذكر أن النائب جو ويلسن يعد من أبرز المؤيدين لرفع العقوبات لكنه اشترط تشكيل حكومة سورية قادرة على جمع مختلف المكونات من أكراد وعلويين ودروز.
أما السيناتور الجمهوري ليندسي غراهام، بحسب حيلاني، فقد ربط موقفه بالاتفاق الأمني مع “إسرائيل”، في حين أبدى أعضاء آخرون مثل كريس فان هولن، جين شاهين، روجر ويكر، جاكي روزن، وماركوين مولين اهتماماً بمتابعة الملف من زوايا سياسية واقتصادية مختلفة.
أبعاد استراتيجية
الدبلوماسي السوري السابق بسام بربندي وصف الزيارة بأنها “حدث استثنائي” يعكس مبادرة أميركية لـ”دعم” سوريا، معتبراً أن واشنطن تسعى إلى منع عودة النفوذ الإيراني، إضافة إلى تهيئة الأجواء لتهدئة الصراع مع “إسرائيل” بما يضمن استقراراً إقليمياً.
وأشار بربندي إلى أن لقاءات الشيباني شملت وزارة الخزانة الأميركية التي أبدت استعداداً لدعم الاقتصاد السوري مقابل التزام دمشق بمحاربة الفساد ومكافحة تمويل الإرهاب، إضافة إلى اجتماعات مع لجنة العلاقات الخارجية في مجلس النواب ووزارة الخارجية الأميركية.
مكاسب محتملة وتحذيرات
بربندي شدد على أن أي اتفاق أمني مع “إسرائيل” قد لا يكون مثالياً أو مرضياً لكل الأطراف السورية، لكنه اعتبره فرصة ضرورية لجذب الدعم المالي والاقتصادي. وحذّر من أن “إسرائيل” تتحرك وفق رؤية استراتيجية بعيدة المدى، مشيراً إلى مشاريع مثل “ممر داوود” الذي يُخطط له ليصل من إسرائيل حتى البادية السورية ونهر الفرات، داعياً دمشق للتعامل بواقعية مع أي اتفاقيات مستقبلية.
وختم بالتأكيد على أن الشرعية السياسية للحكومة السورية الجديدة تعززت عبر اللقاءات مع كبار المسؤولين الأميركيين، لافتاً إلى ضرورة استثمار هذه اللحظة لتحقيق استقرار اقتصادي واجتماعي وضمان مكاسب ملموسة من أي اتفاق سياسي أو أمني قادم.
اقرأ أيضاً:باراك يقترح حواراً مباشراً بين أنقرة وقسد لإقامة منطقة سلام على الحدود