“فورين أفيرز”: تداعيات “ما بعد الأسد”: “داعش” والانسحاب الأميركي يهددان استقرار سوريا

تطرقت مجلة “فورين أفيرز” الأمريكية في تقرير لها إلى التحديات التي تواجه سوريا بعد سقوط نظام بشار الأسد، وتناولت المشهد السوري المعقد تحت قيادة “هيئة تحرير الشام”، حسب تعبيرها، مسلّطة الضوء على خطر عودة تنظيم “داعش” وتأثير الانسحاب الأميركي المحتمل على أمن البلاد واستقرارها.

هشاشة المشهد السوري بعد سقوط الأسد

بعد مرور تسعة أشهر على سقوط نظام الأسد، تواجه سوريا تحديات جديدة، أبرزها الاشتباكات الطائفية، والغارات الإسرائيلية المتكررة، وعودة نشاط تنظيم “داعش”. فمنذ عام 2024، كثّف التنظيم هجماته التي استهدفت الحكومة السورية الجديدة والأقليات، مستغلًا حالة الفوضى السائدة.

وعلى الرغم من تراجع عدد مقاتليه بشكل كبير، إلا أن “داعش” أصبح أكثر قدرة على تنفيذ هجمات دقيقة ومعقدة، كما يظهر من الهجمات التي استهدفت كنيسة في دمشق وهجمات حرب العصابات في شمال شرق سوريا.

ووفقا للمجلة، فإن هذه الهجمات تقوض جهود الحكومة الجديدة في بسط سيطرتها، وتهدد شرعيتها، ما يزيد من خطر عودة التنظيم بقوة. وقد تبنى “داعش” 294 هجومًا في العام الماضي، مقارنة بـ121 هجومًا فقط في عام 2023، مما يدل على تصاعد نشاطه بشكل ملحوظ.

مخاطر الانسحاب الأميركي وتأثيره على مكافحة الإرهاب

حذّرت “فورين أفيرز” من أن خطط إدارة الرئيس دونالد ترامب لسحب القوات الأميركية من سوريا ستفاقم المخاطر الأمنية. فواشنطن كانت تمثل العمود الفقري للتحالف الدولي ضد “داعش” منذ عام 2014، وغيابها سيضعف قدرة باقي الدول على مواجهة التنظيم أو دعم القوات المحلية مثل “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد).

وذكرت المجلة أن تراجع الوجود الأميركي وتزايد التوترات الطائفية قد يضعفان الجيش السوري و”قسد” معا، مما يجعلهما غير قادرين على ردع “داعش”.

وأكدت على ضرورة بقاء بضع مئات من الجنود الأميركيين لدعم الأجهزة الأمنية السورية من خلال الاستخبارات وبناء القدرات.

عودة “داعش” للانتقام واستغلال الانقسامات

ترى المجلة أن “داعش” يستغل الانقسامات الطائفية والأيديولوجية في سوريا لإعادة إحياء مشروع “الخلافة”. ويسعى التنظيم من خلال هجماته إلى إثبات عجز الحكومة الجديدة عن حماية المواطنين، خاصة الأقليات. وقد أشار فريق المراقبة التابع للأمم المتحدة إلى أن “داعش” سيظل يشكل تهديدًا خارجيًا إذا سمحت الظروف الداخلية بتخطيط وتنفيذ الهجمات.

وقد تصاعد نشاط التنظيم بشكل ملحوظ في ربيع العام الماضي، حيث نفّذ هجمات ضد “قسد” عقب أحداث العنف في اللاذقية، وهجمات أخرى بعد اشتباكات في جنوب دمشق. وتزامن ذلك مع حملة دعائية مكثفة ضد رئيس الحكومة الانتقالي أحمد الشرع، اتهم فيها التنظيم “هيئة تحرير الشام” بالكفر والعمالة، معتبرا أن الضربات الإسرائيلية المتكررة على الأراضي السورية تزيد من الفوضى التي يستفيد منها.

وختاما، أشارت المجلة إلى أن ثقة التنظيم في قدرته على العودة تتزايد بالتوازي مع الانسحاب التدريجي للقوات الأميركية من سوريا والعراق. فبحلول سبتمبر 2026، من المتوقع أن تنتهي المهمة العسكرية للتحالف في سوريا، وقد بدأت الولايات المتحدة بالفعل في تقليص قواتها وتسليم قواعدها لـ”قسد”، مما يضع مستقبل الاستقرار في المنطقة على المحك.

 

اقرأ أيضاً:سوريا بعد سقوط النظام: سلاح منفلت واقتصاد حرب

اقرأ أيضاً:الشرع: محادثات سوريا وإسرائيل قد تؤدي لنتائج في الأيام المقبلة

المزيد ايضا..
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.