الاستثمار في سوريا: بين أرقام مثيرة وتحذيرات
تشي المؤشرات التي أعلنتها وزارة الاقتصاد والصناعة السورية مؤخراً بجرعات تعافٍ توحي بعودة الحركة الاستثمارية إلى البلاد، بعدما سجلت الوزارة 1389 طلباً لإنشاء معامل جديدة منذ بداية العام الحالي. غير أن هذه الأرقام، رغم ما تبعثه من أجواء تفاؤل، تثير في الوقت نفسه أسئلة حول مدى جديتها، في ظل تجارب سابقة أظهرت فجوة كبيرة بين حجم الطلبات المعلنة وحجم المشاريع التي تصل إلى التنفيذ الفعلي.
أرقام الاستثمار الجديدة
وبحسب البيانات الرسمية، توزعت الطلبات على مختلف القطاعات الصناعية:
-
381 طلباً لإنشاء معامل نسيجية.
-
396 طلباً للصناعات الكيميائية.
-
382 طلباً للصناعات الهندسية.
-
230 طلباً للصناعات الغذائية.
كما تلقت الوزارة 407 طلبات إضافية لإنشاء آلات مفردة مرتبطة بتلك الصناعات. وعلى مستوى المحافظات، حازت حلب على النصيب الأكبر بـ1005 طلبات، تلتها إدلب وريف دمشق بـ130 طلباً لكل منهما، ثم حماة (39 طلباً)، دمشق (30)، حمص ودرعا (17 طلباً لكل منهما)، اللاذقية (7)، فيما سجلت دير الزور والقنيطرة طلبين لكل منهما، وطرطوس طلباً واحداً.
تفاؤل حذر من الحكومة
وزير الاقتصاد والصناعة محمد نضال الشعار بدا حذراً في التعاطي مع هذه الأرقام رغم طموحه في الخطاب الإعلامي. فقد أقرّ في تصريحات متداولة بوجود ما سماه “شركات استثمار وهمية”، موضحاً أن بعض هذه الشركات تمكنت في السابق من الترويج لمشاريع غير حقيقية عبر حضور مؤتمرات استثمارية والتقاط صور مع شخصيات بارزة، دون أن يكون لها نشاط فعلي.
وأكد الشعار أن “التجربة السنغافورية لا تنطبق على سوريا”، داعياً إلى البحث عن نموذج واقعي يتناسب مع ظروف البلاد.
رأي الخبراء
الخبير الاقتصادي عامر خربوطلي اعتبر أن الأرقام المعلنة “إيجابية ومبشرة”، موضحاً أن تقديم الطلبات يعكس نية ورغبة في الاستثمار، حتى وإن تراجع بعض المستثمرين لاحقاً عن التنفيذ. وأضاف أن الجدية الحقيقية تبدأ مع وضع حجر الأساس في المدن الصناعية، وتكتمل عندما تدخل الآلات ويبدأ الإنتاج.
وأشار خربوطلي إلى أن حصة حلب الكبيرة من طلبات الاستثمار تعكس رغبة الصناعيين السوريين في تركيا بالعودة، خاصة في قطاع النسيج الذي تشتهر به المدينة.
بين الطمأنة والقلق
رغم الأجواء الإيجابية التي خلقتها الأرقام الجديدة، ما زالت الهواجس قائمة حول مستقبل الاستثمار الصناعي في سوريا. إذ سبق أن حذّر أمين سر غرفة صناعة حمص، عصام تيزيني، من ظاهرة عرض المصانع للبيع، واعتبرها مؤشراً خطيراً يهدد الصناعة الوطنية، وخاصة النسيجية منها.
لكن وزارة الاقتصاد ترى أن الإقبال الجديد على تقديم الطلبات يشير إلى مساعٍ جدية لتعزيز قطاع الصناعة، ويبعث برسائل طمأنة إلى مجتمع الأعمال، في وقت تحتاج فيه سوريا بشدة إلى تنشيط بيئتها الإنتاجية وتوسيع قاعدة الاستثمار.
اقرأ أيضاً:جدل داخل وزارة الطاقة حول طرح محطات الوقود الحكومية للاستثمار