الاتفاق الأمني بين دمشق و”تل أبيب”: هل بدأت سوريا تدخل مرحلة “تقاسم أمني معلن”؟

أثار تسريب معلومات عن بنود اتفاق أمني بين السلطة في دمشق و”إسرائيل” ضجة واسعة في الأوساط السياسية السورية والعربية، وسط انتقادات حادة لكون هذه الخطوة تمثل أخطر تحول في مسار الصراع العربي الإسرائيلي منذ عقود.

وقال القيادي السابق في جبهة النصرة وأحد مؤسسيها صالح الحموي، المعروف بلقب “أسّ الصراع في الشام” إن الاتفاق المزمع توقيعه تم التحضير له خلال أقل من عشرة أيام، مشيراً إلى أن ذلك مقابل عشاء أحمد الشرع رئيس المرحلة الانتقالية في سوريا في البيت الأبيض مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.

الاتفاق الذي تم بتنسيق أميركي مباشر وبحضور شخصيات بارزة من الطرفين، تزامن مع مطالبات سورية -أمريكية -أردنية لاعتماد خارطة طريق السويداء في مجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة، ما يفتح الباب أمام تحول استراتيجي في مستقبل الجنوب السوري، وينهي فعليًا القرار 2254، عبر تقسيم سوريا إلى مناطق أمنية متمايزة برعاية دولية وإسرائيلية.

بنود الاتفاق الأمني السوري-الإسرائيلي:

وفقًا لتسريبات نشرها صالح الحموي، فإن الاتفاق تضمن بنودًا أمنية حساسة لم تُنشر، وأبرزها:

1- الإبقاء على وجود عسكري إسرائيلي دائم في مرتفعات جبل الشيخ، والمرتفعات المطلة على العمق اللبناني، لضمان السيطرة الاستراتيجية.

2- منع انتشار قوات تابعة للحكومة الانتقالية في القرى الدرزية المحاذية لجبل الشيخ بريف دمشق، لتفادي أي احتكاك عرقي أو أمني قد يسبب توترات.

3- ملاحقة نشطاء المقاومة الفلسطينية في الداخل السوري، خصوصًا فصائل حماس والجهاد الإسلامي المنتشرة في مخيمات خان الشيح وذا النون.

4- تحييد مشروع الطائرات المسيّرة التابع لهيئة تحرير الشام وفصيل أنصار الإسلام، تفاديًا لأي تهديد محتمل لـ “إسرائيل”.

5- تسليم لائحة تضم شخصيات “جهادية” داخل الجيش السوري الجديد بهدف إبعادهم أو تصفيتهم إداريًا.

البنود العلنية: ثلاث مناطق أمنية في الجنوب السوري:

الاتفاق قسم الجنوب السوري إلى ثلاث مناطق أمنية رئيسية:

1. المنطقة الزرقاء (عازلة)

تشمل ريف القنيطرة وجبل الشيخ وتمتد 12 كم داخل العمق السوري. تتواجد فيها “إسرائيل” عسكريًا في:

جبل الشيخ

التلول الحمر

حضر

النقاط العسكرية في معرية والريف الأوسط والجنوبي للقنيطرة

مرتفعات رخلة (الحدود السورية اللبنانية)

2. المنطقة الصفراء (منزوعة السلاح)

تشمل مناطق واسعة من ريف دمشق الغربي وريف درعا، مثل خان الشيح، قطنا، زاكية، الكسوة، وبيت جن، وصولاً إلى عرطوز.

يمنع أي وجود عسكري سوري أو أسلحة ثقيلة بشكل كامل.

يقتصر الوجود الحكومي السوري على عناصر أمنية مدنية بأسلحة خفيفة

انسحاب فوري لأي فرق عسكرية

3. المنطقة الحمراء (حظر طيران)

تضم شرق درعا، السويداء، ريف دمشق الجنوبي وباديتها، وتمتد حتى الحدود مع الأردن وفلسطين المحتلة.

حظر كامل للطيران العسكري والاستخباراتي السوري

رقابة جوية إسرائيلية محتملة

 

بين حافظ الأسد وأحمد الشرع: المقارنة التي تحرج السلطة:

يقول صالح الحموي إن حافظ الأسد (الرئيس السوري السابق) فاوض “إسرائيل” منذ عام 1991حتى 1999 ذروة قرب التوصل لاتفاق معها يعيد الجولان مقابل السلام. ودعا إلى “مراجعة مذكرات ايهود باراك وفاروق الشرع بقي سنين يفاوضهم على موقع رادار عسكري اليهود يريدونه متقدم بضعة كيلو مترات بينما هو (حافظ الأسد) يريد إبعاده بضعة كيلو مترات”.

واعتبر الحموي أن السلطة الحالية بقيادة الشرع، والتي جاءت تحت غطاء الثورة، قدمت تنازلات استراتيجية مقابل لا شيء سوى محاولة كسب رضا واشنطن، وربما عشاء في البيت الأبيض مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.

ما هو مستقبل سوريا في ظل هذا الاتفاق؟

أكد صالح الحموي أن الكرة الآن أصبحت في ملعب الشعب السوري ونخبه السياسية والثقافية وقادة الفصائل. وأضاف: “هل ستقبلون أن يكتب التاريخ أن حافظ الأسد رجل وطني لم يبع شيء موثق ومكتوب بينما السلطة التي هي يفترض منتج الثورة باعت كل الجنوب والجولان لأجل نزوات نفسية لشخص يريد أن يبحث عن كتابة التاريخ له (عشاء مع ترامب) وأول خطاب منذ ٦٠ سنة في إشارة إلى كلمة متوقعة لأحمد الشرع في الأمم المتحدة.

إقرأ أيضاً: ممر داود يعود للواجهة: تحالف جغرافي بين قسد ودروز السويداء يثير مخاوف تفكيك سوريا

إقرأ أيضاً: الاتفاق الأمني بين سوريا وإسرائيل: مناطق منزوعة السلاح وحظر طيران مقابل انسحاب جزئي

المزيد ايضا..
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.