الفلاح السوري بين غياب الدعم وتحديات الموسم الزراعي القادم

مع اقتراب الموسم الزراعي 2025-2026 في شهر تشرين الأول (أكتوبر)، يواجه المزارعون تحديات كبيرة تهدد بتكرار “كوارث” الموسم الماضي الذي اعتُبر من أسوأ المواسم الزراعية.

تتصدر هذه التحديات غياب الدعم الحكومي الكافي، مما يثير مخاوف جدية حول قدرة الفلاحين على تأمين مستلزماتهم الضرورية لزراعة أراضيهم والاستمرار في الإنتاج.

غياب الدعم.. وعود بلا تنفيذ

أكد المهندس خالد ماتوق، رئيس اتحاد فلاحي دمشق وريفها، لصحيفة “الحرية” أن المزارعين لم يحصلوا حتى الآن سوى على وعود بالدعم، مشيرا إلى أن ضعف الإمكانيات هو السبب الرئيسي.

في ظل هذا الوضع، يركز الاتحاد على توجيه المزارعين للصبر والعمل في أراضيهم، مؤكدا لهم أن الدعم قادم من وزارة الزراعة والمنظمات الدولية.

ومع ذلك، أشار ماتوق إلى وجود مشكلة في التنسيق مع المنظمات الدولية، حيث تعمل هذه المنظمات بشكل منفرد وتختار القرى والمناطق المستفيدة من الدعم دون الرجوع إلى الاتحاد، الذي يمتلك المعرفة الحقيقية بالمناطق الأكثر احتياجًا لشبكات الري الحديثة (بالتنقيط أو الرذاذ) والآلات الزراعية. لذلك، يطالب الاتحاد بضرورة التنسيق معه لضمان توزيع المساعدات بطريقة فعّالة وموجهة إلى أماكن الاحتياج الحقيقي.

تجاوز أخطاء الماضي

لضمان نجاح الخطة الزراعية لهذا الموسم، شدد ماتوق على ضرورة تلافي أخطاء الماضي التي أدت إلى كارثة الموسم السابق. من أبرز هذه الأخطاء:

  • تأخر الدعم: عدم تقديم سعر مُجزٍ لمحصول القمح لم يغطِ تكلفة الإنتاج التي تكبدها المزارعون.
  • الآفات الزراعية: انتشار حشرة السونة التي أهلكت محصول القمح مع التأخر في مكافحتها.
  • سلسلة التوريد: سوء وفساد في توزيع المحروقات والأسمدة، والتأخر في توزيع المبيدات الحشرية والبذور الجيدة.

ويؤكد ماتوق على أن اجتماعاته الشهرية مع الجهات الزراعية المعنية تهدف إلى رفع مقترحات لتحسين الوضع وتجنب هذه المعوقات. ويأمل أن يتم تقديم قروض حسنة بدون فوائد، وتوفير المكننة والآلات الزراعية، وتقديم منح وإيجارات مجانية، كأحد أشكال الدعم المطلوبة.

تحدي التنفيذ.. الأهم من الخطة

على الرغم من أن الخطة الزراعية القادمة لم تشهد تغييرًا في المساحات المخصصة لزراعة محصول القمح الاستراتيجي، فإن المشكلة الحقيقية تكمن في نسبة التنفيذ. ففي الموسم السابق، لم تتجاوز هذه النسبة 30%، في حين كان من المفترض أن تصل إلى 90%. ويرجع هذا الانخفاض إلى عدم قدرة العديد من الفلاحين على تأمين المستلزمات الزراعية والمياه اللازمة للري، مما دفعهم إلى تحويل أراضيهم المخصصة للقمح إلى مراعٍ.

ووفقا للخطة، تبلغ المساحة المخصصة لزراعة القمح في ريف دمشق أكثر من 18,609 هكتارات، مع توقعات بإنتاج أكثر من 44 ألف طن في حال نجاح الخطة. كما تم تحديد مساحات لزراعة محاصيل استراتيجية أخرى مثل الشعير، الحمص، والعدس.

بصيص أمل

ختم المهندس خالد ماتوق حديثه بتفاؤل حذر، معولًا على موسم أمطار جيد ودعم حكومي فعّال.

وأشار إلى أن عودة نظام الدعم السابق، شرط مراقبته بشكل صارم ومنع الفساد، يمكن أن يشجع المزارعين على الاستمرار في الزراعة.

يهدف هذا الدعم إلى تقليل فاتورة الاستيراد وتوفير الأمن الغذائي، وضمان بقاء الفلاحين متجذرين في أراضيهم. ويؤكد ماتوق أن الدعم من الحكومة والمنظمات الدولية في اتجاهين هو السبيل الوحيد لإنقاذ المزارع والمحصول على حد سواء.

 

اقرأ أيضاً:الجفاف القاتل يوجع الفلاحين السوريين: انهيار الزراعة ومخاوف من تدهور الأمن الغذائي

اقرأ أيضاً:أزمة الزيتون: الجفاف والمعاومة يقلصان الإنتاج ويرفعان الأسعار

حساباتنا: فيسبوك  تلغرام يوتيوب تويتر انستغرام

المزيد ايضا..
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.