داما بوست _ كاترين الطاس | لم يمر هذا الأسبوع على لبنان كغيره من الأيام، وبالرغم من توتر الأوضاع في المنطقة العربية بالمجمل، إلا أن ما يشهده الجنوب اللبناني يُنذر بخطر كبير ومن الممكن أن تكون عواقبه غير متوقعة.
فبعد استشهاد 14 شخصاً وإصابة المئات من اللبنانيين بانفجار أجهزة اتصال “البيجر” بواسطة خرق إسرائيلي، عادت الأحداث للاشتعال مساء أمس بعد انفجار عدد من الأجهزة اللاسلكية نوع “آيكوم” في أيدي حامليها داخل منازلهم، مما تسبب بوقوع عدد من الشهداء وإصابة أكثر من 400 مواطناً، وفقاً لما كشفه وزير الصحة اللبناني فراس الأبيض.
كيف تمت عملية تفجير أجهزة “البيجر”؟
الكاتب والباحث في العلاقات الدولية د. محمد نادر العمري شرح في تصريح خاص لشبكة “داما بوست” عن تفاصيل ما يجري في لبنان وعن توقعه لطريقة رد حزب الله.
وقال العمري: “غالباً تم تفجير هذه الأجهزة من خلال وصول طائرة ’درونز’ للأجواء اللبنانية وقيامها ببعث كود برسالة أدت لتفجير الأجهزة بأيدي حامليها، وذلك لإحداث حالة فوضى واسعة ومعرفة انتشار عناصر وقيادات الحزب في لبنان، حيث يمكن تفجير هذه الأجهزة إما بتفخيخها مسبقاً وهو أمر وارد وهذا سيجعل المورد لهذه الأجهزة إلى لبنان ضمن شبهات التعامل مع الموساد، أو عبر إرسال شحنات كهرومغناطيسية وهو خيار وارد.”
أخطر عملية للحرب السيبرانية
وتابع العمري: “تفجير أجهزة ’البيجر’ يعتبر أخطر وأكبر وأول عملية انفجارية نوعية في إدارة الحرب السيبرانية التي شنتها ’إسرائيل’ بتداعيات أمنية وعسكرية، واللافت في هذه الخرق السيبراني والأمني، يكمن في 3 نقاط:
1_ توقيت هذه العملية قد يمهد لعملية عسكرية محتملة داخل لبنان بعد نشر الفوضى والاضطراب الداخلي والأمني.
2_ محاولة ’إسرائيل’ إحداث حالة من الاضطراب بين قيادة الحزب وكوادره بعد كشف طريق التواصل المتبعة.
3_ طريقة الخرق قد تضعنا أمام شكل جديد وخطير من الحرب السيبرانية لاستهداف أكبر قدر من المدنيين.”
كيف سيرد حزب الله على عملية تفجير أجهزة “البيجر”؟
أما عن طريقة رد حزب الله، فأوضح العمري أنه غالباً ما سيتخذ الحزب مسارين، الأول هو رد عسكري عبر استهداف قواعد وثكنات عسكرية وربما قد يكون هناك استهداف جديد للوحدة 8200 في حال ثبت أنها المسؤولة عن هذه العملية، أما المسار الثاني يتضمن شن حرب سيبرانية لشل عمل المرافق والمواقع الحيوية من خلال تعطيل الملاحة الجوية والبحرية وتعطيل الكهرباء وغيرها.
أبعاد التفجيرات في لبنان لليوم الثاني
أكد العمري خلال حديثه لـ “داما بوست” بأن “إسرائيل” ارتكبت ما يمكن وصفه بإرهاب دولة منظم، وأن ما يجري في لبنان من خلال تفجير الأجهزة التكنولوجية الخاصة بالاتصالات، خطورته تكمن في عدة أبعاد:
• البعد الأول: هذا الخرق هو ليس حرباً سيبرانياً، بل هو خرق سيبراني لارتكاب عمليات تصل لمرتبة الأعمال الإرهابية، كونها تستهدف المدنيين، وهو ما يشكل مخاطر على الأمن والسلم الدوليين كون ما يحصل هو الأول من نوعه، ويُمكّن العديد من الدول الغربية والإرهابية من اتباع هذا الأسلوب، وخاصة في إطار الصراع الغربي مع كل من روسيا وأوكرانيا.
• البعد الثاني: هذا النوع من العمليات هو نهج ونوع جديد في إطار الصراعات والنزاعات الدولية، والخطورة به تكمن بأنه قد يخلف ضحايا كثر في حال تم تبنيه على مستوى الصراعات.
• البعد الثالث: حصول هذه التفجيرات على مدى اليومين المتلاحقين، قد يكون مجرد تكتيك اختباري يمهد لخرق واسع ويترافق مع عمل عسكري واسع ضد لبنان وسوريا، مما يضع المنطقة على حافة المواجهة المباشرة، ولاسيما في حال صدقت المؤشرات حول احتمال التحكم بمعظم البطاريات الليثيوم الصغيرة والكبيرة بما في ذلك الخاصة بالطاقة الشمسية وتفجيرها.
وفي سياق متصل، أكد رئيس المجلس التنفيذي في حزب الله “هاشم صفي الدين” بأن تفجير الاحتلال الإسرائيلي للأجهزة اللاسلكية سيكون له عقابه الخاص، مشيراً إلى أن المقاومة قوية ولم يتأثر أداؤها.
اقرأ أيضاً: نيويورك تايمز: الشركة المصنعة للبيجر وهمية وهي واجهة للمخابرات “الإسرائيلية”