أزمة صحية خانقة في السويداء: انقطاع الأدوية يهدد حياة الآلاف والوفيات تتصاعد

تواجه محافظة السويداء جنوب سوريا أزمة صحية وإنسانية غير مسبوقة، نتيجة حصار خانق مستمر منذ عدة أسابيع، ما أدى إلى انقطاع شبه تام في الأدوية والمستلزمات الطبية، وتدهور الوضع الصحي لعشرات الآلاف من المرضى، خصوصاً أصحاب الأمراض المزمنة مثل السكري، السرطان، وأمراض الكلى.

وارتفعت خلال الأيام الماضية أعداد الوفيات المرتبطة بنقص الأدوية، كان أبرزها وفاة خزامى الأحمد، المتطوعة السابقة في منظمة اليونيسف، بعد عجزها عن تأمين جرعة الأنسولين الضرورية لعلاج مرض السكري، في حادثة سلطت الضوء على خطورة الوضع الصحي في المحافظة المحاصرة.

مرضى بلا علاج: “المعركة الكبرى ليست مع المرض بل مع غياب الدواء”

يعاني الآلاف من مرضى السرطان في السويداء من توقف جلسات العلاج الكيميائي نتيجة نقص أدوية السرطان الأساسية. ويقول المريض الأربعيني هاني الأشقر لـ”العربي الجديد”: “كنت أظن أن المعركة مع المرض صعبة، لكن ما لم أتخيله أن المعركة الكبرى ستكون مع غياب الدواء”.

فيما يعبّر مراد جربوع، المصاب بالسكري، عن خوفه من مصير مشابه لخزامى: “الصيدليات فارغة تماماً، وكل عبوة أنسولين أصبحت أمنية… لا نموت من المرض فقط، بل من انقطاع العلاج أيضاً”.

حليب الأطفال مفقود: أمهات في مواجهة خطر المجاعة

وتواجه العائلات أزمة حليب أطفال حادة، حيث تصف الأم سوسن الباشا معاناتها في تأمين عبوة حليب لرضيعتها: “طرقت أبواب عشرات الصيدليات دون جدوى، واضطررت لاستخدام حليب غير مناسب، تسبب لطفلتي بآلام شديدة”.

ووصل سعر عبوة حليب الأطفال إلى 400 ألف ليرة سورية (نحو 40 دولاراً)، وهو رقم يتجاوز قدرة معظم الأسر في المحافظة، ما دفع البعض إلى تخزين الكميات المتوفرة أو اللجوء إلى بدائل ضارة.

8000 مريض سرطان و6810 مريض سكري يواجهون خطر الموت

تشير بيانات مديرية صحة السويداء إلى وجود:

1- 6810 مريض سكري، بينهم 3107 يعتمدون على الإنسولين يومياً.

2- نحو 8000 مصاب بالسرطان.

3- مئات المرضى من مرضى الكلى بحاجة دائمة لجلسات غسيل.

وتقول جمعية مرضى السرطان إن نحو 1500 مريض دخلوا مرحلة الخطر المباشر، بينما عجز 43 مريضاً عن الوصول إلى مستشفى البيروني بدمشق لتلقي العلاج، وتمت محاولة إسعافهم عبر مستشفيات محلية محدودة الإمكانيات.

من جانبها، ناشدت جمعية “أصدقاء مرضى الكلى” الجهات الصحية الدولية للسماح بدخول محاليل الغسيل، مؤكدة أن الوزارة منعت دخول 400 عبوة طبية رغم أنها مدفوعة الثمن وموجودة في دمشق.

وفيات بسبب نقص الغسيل الكلوي: 4 ضحايا خلال أسبوع

كشف مصدر طبي في مشفى السويداء الوطني لـ”العربي الجديد”، عن وفاة 4 مرضى خلال أسبوع واحد، بعد تعذر إجراء جلسات غسيل الكلى، مشيراً إلى أن الطاقم الطبي يواجه ضغوطاً كبيرة وعجزاً في تأمين المستلزمات الأساسية.

نقص كارثي في الأدوية: 54 صيدلية دُمّرت أو أُغلقت

وفق إحصائيات نقابة الصيادلة في السويداء:

1- 180- 185 صيدلية في السويداء.

2- 54 صيدلية تعرضت للتدمير أو السرقة أو الحرق.

3- تضرر مستودع أدوية.

أدوية أساسية مفقودة تماماً، مثل:

أ- الإنسولين

ب- أدوية الضغط

ج- أدوية القلب

د- علاجات الغدة الدرقية

ح- مضادات حيوية رئيسية

وتحذر جمانة جبور، عضو نقابة الصيادلة في السويداء، من أن المخزون الحالي من الأدوية “قد ينفد خلال أسابيع” إذا لم يُسمح بدخول كميات جديدة.

الحكومة تنفي الحصار وتعلن عن قوافل مساعدات

من جهتها، أعلنت الحكومة السورية أنها لم تفرض أي قيود على دخول المساعدات الإنسانية إلى السويداء، مؤكدة أن جميع القوافل دخلت عبر الهلال الأحمر السوري ومنظمات أممية.

لكن الواقع الميداني، كما تنقله الجمعيات والمنظمات المحلية، يُظهر عدم كفاية المساعدات وتقييد دخول أدوية منقذة للحياة، خاصة علاجات السكري والسرطان وغسيل الكلى.

إقرأ أيضاً: السويداء بعد العملية العسكرية: أكثر من 450 مفقوداً وآلاف المهجّرين

إقرأ أيضاً: أتاوات وابتزاز.. أزمة إنسانية تتفاقم في السويداء

المزيد ايضا..
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.