أطل وزيرا النفط والثروة المعدنية “فراس قدور” والتجارة الداخلية وحماية المستهلك “محسن عبد الكريم علي” في حوار مع قناة “السورية” مساء الخميس، في مقابلة شرحا خلالها كيف تسعى الحكومة إلى توجيه الدعم للطبقات الأكثر حاجة، حيث استعرضا الواقع الاقتصادي كلُ من جانبه ووفق اختصاص وزارته، واستعرضا الإنجازات الحكومية فيما يخص الواقع المعيشي، وقدما مبرراتٍ على القرارات الحكومية الأخيرة التي يقول الخبراء والنشطاء إنها زادت الوضع المعيشي سوءاً.
وبرأي “قدور” فإن رفع سعر المشتقات النفطية أدى إلى بعض الوفورات، نحو 20 بالمئة من كمية المازوت ومثلها من كمية البنزين، مبيناً أن هذه الوفورات ستستخدم في زيادة الرواتب، وكانت بدايتها بمرسوم زيادة الأجور 100 بالمئة لكل الموظفين والمتقاعدين.
ولفت “قدور” إلى أن سورية كانت قبل الحرب تنتج 386 ألف برميل نفط يومياً، يتم تصدير 140 ألف برميل منها، لكن بعد الحرب أصبحت البلاد تستورد 95 بالمئة من حاجة البلاد للنفط الخام، أي نحو 5 ملايين برميل نفط بالشهر وبالقطع الأجنبي، مبيناً أن إنتاج البلاد من الغاز كان 28 مليون متر مكعب تغطي حاجة سورية، أما الآن فأصبحت معظم الحقول الغازية خارج سيطرة الدولة وننتج فقط نحو 10 ملايين متر مكعب وحاجة سورية تتراوح من 22 إلى 24 مليون متر مكعب.
وعاد “قدور” ليذكر بأن تكلفة دعم المشتقات النفطية لا تزال تشكل رقماً كبيراً جداً يصل إلى 17 ألف مليار سنوياً، وأن أسعارها أصبحت تشكل عبئاً كبيراً على الموازنة العامة للدولة، محملاً أمريكا والدول الغربية مسؤولية ارتفاع أسعار هذه المشتقات في البلاد، نتيجة اضطرار الدولة السورية إلى الالتفاف على العقوبات وشرائها من الخارج بأسعار تفوق الأسعار العالمية.
كما ذكّر “قدور” المواطنين بأن الحكومة ما تزال تدعم المازوت الذي يكلفها الليتر الواحد منه 12000 ليرة، بينما توفره للمواطنين بسعر 8000 ليرة، مبيناً أن شريحة النقل والتدفئة تستهلك يومياً نحو 2 مليون ليتر مازوت بسعر 2000 ليرة لليتر الواحد، أي أن الليتر مدعوم بعشرة آلاف ليرة، كذلك الأمر بالنسبة لليتر البنزين الذي أشار “قدور” إلى أنه يكلف حالياً 12 ألف ومئة ليرة سورية ويتم تسعيره بـ 8000 ليرة، فيما تكلّف أسطوانة الغاز المنزلي الحكومة مئة ألف ليرة وهي تبيعها للمواطن بـ 15 ألف ليرة.
وأشاد “قدور” بالإنجازات الحكومية وبما سماه “إجراءات ضبط حالات الفساد والهدر والاحتكار” التي تمثّل أولها برأيه في مشروع البطاقة الذكية التي وصفها بأنها تقدّم مستحقات المواطن بطريقة حضارية ولائقة، معتبراً أنها أسهمت في ضبط المشتقات النفطية وضبط عمليات التهريب، مبيناً أنه في عام 2010 كان يتم توزيع 20 مليون ليتر مازوت يومياً علماً أن حاجة سورية حالياً هي 9,5 ملايين ليتر، لافتاً إلى أن وزارته وضعت خطة عمل وخارطة استثمارية لبعض المشاريع “الواعدة” كاستخدام الغاز الحامضي.
وكشف “قدور” عن أنه يجري حالياً التحضير للبدء قريباً بتوزيع مازوت التدفئة، حيث ستحصل كل عائلة على 100 ليتر على دفعتين بسعر 2000 ليرة للتر الواحد، في حين أن هذه الكمية لا تكفي لتدفئة منزل واحد لشهر فقط، مما يجبر معظم الناس على شراء المازوت من السوق السوداء بأسعار خيالية، الأمر الذي لم يتطرق إليه الوزير في حديثه، في حين أنه استعرض عدة مرات “الإنجازات الحكومية” فيما يخص الواقع المعيشي.
وعلى الرغم من أن القرارات الأخيرة التي أصدرتها الحكومة لاقت استهجان نسبة كبيرة من الشارع السوري، نتيجة تأثر معيشته سلباً بها، أشار “قدور” إلى أن أي قرار يصدر من الحكومة تتم دراسته بطريقة شاملة ومعمقة ووافية، ودراسة تأثيراته على الدخل والاستهلاك وعلى معيشة المواطن، معتبراً أن كل هذه القرارات تمت دراستها وأخذ القرار الأنسب في الوقت الحالي، كون الحكومة تدير الدعم حسب الإمكانيات المتاحة نتيجة الصعوبات والتحديات الكبيرة التي تواجها في تأمين المشتقات النفطية، كما يتم أيضا أخذ الجانب الإنساني والاجتماعي عند إصدار أي قرار، بحسب قوله.
بدوره، لفت وزير التجارة الداخلية وحماية المستهلك “محسن عبد الكريم علي” إلى أنه لا مساس بسعر الخبز أبداً، مذكراً بأن حجم دعم مادة الخبز هو أكثر من 6000 مليار ليرة، حيث يتم إنتاج مليار و700 مليون ربطة سنوياً، وأنه يتم أيضاً دعم المخابز العامة والخاصة بالخميرة والذي تصل تكلفته إلى 110 مليارات تقريباً بشكل شهري، وأن طن الطحين الذي تبيعه الدولة للمخابز الخاصة بـ 70 ألفاً تكلفته ملايين الليرات السورية.
ورأى “علي” أن أسعار النقل الجديدة منطقية ولامست حاجة السائقين بالحد الممكن، معتبراً أن تأثيرها سيكون محدوداً بالنسبة لأصحاب شرائح الدخل المحدود، لافتاً إلى وجود دراسة للحوافز في برنامج الإصلاح الإداري لتطويرها، دون ان يتطرق لتفاصيل إضافية حولها.
وأبدى “علي” إعجابه الشديد بالإنجازات الحكومية وبعمل المؤسسة السورية للتجارة، معتبراً أنها دأبت على أن يكون لها دور إيجابي في أمور عدة أهمها شراء المنتجات الزراعية مباشرة من الفلاح، فمنها ما يتم تخزينه في وحدات التبريد ومنها ما يتم طرحه في الأسواق، كاشفاً عن أن مبيعات صالاتها تجاوزت 270 مليار ليرة، مؤخراً، وبرأيه فإن هذا دليل على أن أسعارها أقل من أسعار الأسواق المحلية.
ورغم تدهور الواقع المعيشي والاقتصادي بشكلٍ غير مسبوق، اعتبر “علي” أن الحكومة تسعى جاهدة بكل وسائلها المتاحة وإمكاناتها المتوفرة نحو الأفضل وتطوير الإنتاج، مبيناً أن الوضع الصعب الذي تمر به البلاد نتيجة ما سماه بـ “الظروف القاهرة” لا يعالج بالسوشيال ميديا ولا بوسائل التواصل، متهماً أطرافاً خارجية لم يسمها باستخدام تلك الظروف كذريعة للتحريض.