داما بوست | ملاذ سليمان
تشهد العلاقات الاقتصادية السورية – العراقية نمواً واضحاً، بعد سنوات من الركود على خلفية انقطاع طرق التواصل إبان الحرب على داعش، ويسعى البلدان إلى تعزيز وتطوير التعاون الاقتصادي، الذي حقق في السابق نجاحات عديدة، يوم كان التجار العراقيون يستخدمون الموانئ السورية لتوريد البضائع والمواد، ليأتي الإرهاب والأزمات وتبدأ بقطع خيوط التواصل، فانتشار الجماعات المسلحة أدى إلى إغلاق المعابر الحدودية بين الطرفين طيلة سنوات، بالإضافة إلى عودة أصحاب رؤوس الأموال العراقيين الموجودين في سورية إلى بلادهم، مما عمق الشرخ بين الاقتصاديين وزاد صعوبة انسياب البضائع بينهما.
وبحسب البيانات المتداولة عبر وسائل الإعلام، بلغ حجم التبادل التجاري بين البلدين نحو 67.7 مليون دولار عام 2007 للسلع غير النفطية، منها 53.6 مليون دولار مستوردات سورية من العراق، و14.1 صادرات سورية إلى العراق، ثم ارتفعت عام 2008 إلى 175 مليون دولار، بمقدار 114.4 مليون دولار مستوردات و60.6 صادرات، لكن الميزان التجاري بين البلدين كان خاسراً في العامين 2007 و2008 بالنسبة لسورية، إذ سجّل عجزاً بنحو 39.5 مليون دولار، و53.8 مليون دولار على التوالي.
بينما سجّل الميزان التجاري بين عامي 2009- 2013 فائضاً لصالح سورية، فشهدت الصادرات السورية نمواً واضحاً عام 2009، حيث ارتفعت إلى 165 مليون دولار مقابل مستوردات بلغت 85.9 مليون دولار، وبذلك سجّل الميزان التجاري فائضاً لصالح سورية بقيمة 79.1 مليون دولار، وحقق الميزان التجاري ارتفاعه الأكبر بين دمشق وبغداد في المدة المذكورة عام 2011، وارتفعت صادرات البلاد إلى 623.2 مليون دولار مقابل تسجيل المستوردات نحو 96 مليون دولار، حيث بلغ الفائض التجاري بين البلدين نحو 518 مليون دولار، ومن ثم انخفاض التبادل التجاري إلى 277.6 مليون دولار عام 2013، بعد الحرب على سورية وما نتج عنها من تضرر الاقتصاد السوري وانخفاض قيمة الصادرات السورية إلى العراق إلى 226 مليون دولار، في مقابل انخفاض المستوردات إلى 51.6 مليون دولار.
وجاء العراق بالمرتبة الرابعة عام 2021 بين الدول العربية من جهة حجم التبادل التجاري مع سورية بعد مصر ولبنان والسعودية، حيث بلغت قيمة التبادلات التجارية نحو 791 مليار ليرة سوريّة، منها 10.3 مليار ليرة مستوردات من العراق إلى سورية، و780.7 مليار ليرة صادرات سورية إلى العراق، وذلك بنسبة 15% من إجمالي التجارة الخارجية السوريّة مع الدول العربية.
ويرى الرئيس السابق للجنة الصادرات في غرفة تجارة دمشق “فايز قسومة” في حديثه لـ “داما “بوست.. أن العراق سوق طبيعي وخصب للمنتجات السورية، لكن هناك بعض المنغصات تنتج عن ضغط أميركي على الحكومة العراقية للضغط ع الحكومة السورية، وتتجلى في مشكلتين رئيسيتين، الأولى في عدم السماح للسيارات السورية بالدخول إلى الأراضي العراقية حتى فتره قريبة، واشتراط نقل البضائع على الحدود إلى سيارة عراقية مما يزيد الكلفة ويعرض البضائع للتلف، أما الثاني هو ارتفاع الرسوم على البضائع السورية من الجانب العراقي، مؤكداً أن الأسواق العراقية تقبل جميع أنواع البضائع السورية والدليل نجاح معرض صنع في سورية بالعراق ولأكثر من مرة، ومن أهم الصادرات السورية إلى السوق العراقية.. الخضار والفواكه، المصنوعات الغذائية، زيت الزيتون، الورق المقوى، المصنوعات الزجاجية.
ومن جانبه قال النائب الأول لرئيس غرفة تجارة بغداد “حكمت الدقاق” لـ داما بوست.. ” كانت التجارة بين العراق وسورية قوية جداً وبدرجة متصاعدة، وبدأت التجارة البينية في العام 1996، كانت تتم عملية الاستيراد والتصدير بشكل سلس، لكن الأزمات التي حدثت و ظهور المنظمات الإرهابية على الطرق الواصلة بين البلدين، أدت لتراجع التجارة البينية بين دمشق وبغداد ومن ثم دخول البضائع التركية والإيرانية على الخط أدى لتفاقم هذا التراجع، أما الآن صار العراق منفذ للبضائع السورية المنتجة في “غازي عنتاب” والتي تعود لسوريين هاجروا بعد الحرب وأسسوا معامل في “عنتاب” وخاصة صناعة الصابون الغار لتجار حلبيين وبضائع أخرى تنتج في عفرين وتصدر إلى العراق عن طريق تركيا وتعود لتجار سوريين من عفرين”.
وبعد افتتاح معبر (البوكمال – القائم) الحدودي، أشار “الدقاق” إلى ظهور قيد جديد يعيق التجارة البينية، وهو ارتفاع نسبة التعرفة الجمركية الملقاة على البضائع السورية المصدرة إلى العراق، مما أدى إلى ارتفاع أسعار النقل من ١٥٠ دولار الى٢٠٠ دولار للطن الواحد، وصحيح أن هذا الارتفاع يخدم الميزانية السورية لكنه له انعكاس على كمية البضائع المصدرة من سورية.
وفي تصريح سابق لوزير الاقتصاد والتجارة الخارجية السوري “محمد سامر الخليل”.. أكد فيه السماح لجميع السلع العراقية بدخول الأسواق السورية، وفي مقدمتها التمور التي كانت ممنوعة من البلد الجار، بالإضافة إلى المواد البتروكيماوية، وسيتم تقديم التسهيلات الكاملة إلى قطاع الأعمال العراقي، وأن المنتوجات السورية، وخصوصاً المصنَّعة في محافظة حلب، ستدخل الأسواق العراقية بصورة منتظمة، وعلى نحو مستمر.
ويسعى الجانبان السوري والعراقي إلى تعزيز حجم التجارة البينية بينهما، وتذليل المعوقات والصعوبات التي تواجه ذلك وهذا ما أكده الرئيس بشار الأسد في المؤتمر الصحفي الذي أجراه الأحد مع رئيس مجلس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، عندما قال: “العلاقات الاقتصادية البينية ستكون محور المباحثات لاحقاً بما ينعكس على البلدين ويخفف من الحصار المفروض على سورية”.