التوترات الإقليمية تهز السوق السورية : “تجار القلق” يستغلون الأزمة لزيادة الأسعار

شهدت الأسواق السورية خلال الأسبوع الماضي اضطرابات متسارعة، نتيجة التصعيد الأخير بين إيران و “إسرائيل”، والذي ألقى بظلاله الثقيلة على الاقتصاد السوري الهش. انعكست هذه التوترات الجيوسياسية على مختلف القطاعات، من أسعار السلع الأساسية وسوق الصرف إلى حركة التجارة ومعنويات المستثمرين، مما فاقم القلق بشأن المستقبل الاقتصادي للبلاد.

ارتفاع الدولار وتأثر الأسعار

ارتفع سعر الدولار الأمريكي في السوق الموازية (السوداء) مقابل الليرة السورية بشكل ملحوظ خلال الأسبوع الماضي، مسجلاً نحو 9,875 ليرة للشراء و9,950 ليرة للبيع في أسواق دمشق، وفقًا لموقع “الليرة اليوم”. في المقابل، أبقى مصرف سوريا المركزي سعر الصرف الرسمي ثابتًا عند 11,000 ليرة للشراء و11,055 ليرة للبيع.

أكد حسن العبد الله، عضو غرفة التجارة في دمشق، أن التصعيد العسكري الأخير انعكس مباشرة على حركة السوق الداخلية، مما تسبب في موجة من ارتفاع أسعار المواد الأساسية حتى قبل حدوث أي نقص فعلي في الإمدادات أو انقطاع في سلاسل التوريد.

حساسية السوق السورية للمخاوف الإقليمية

أوضح العبد الله أن السوق السورية شديدة الحساسية لأي تطورات سياسية أو أمنية في المنطقة، نظرًا لاعتماد البلاد الكبير على الاستيراد، خاصة بعد التراجع الحاد في البنية الإنتاجية المحلية خلال سنوات الحرب. وقد دفعت الأنباء المتعلقة باحتمالات توسع النزاع أو إغلاق الممرات البحرية، شريحة واسعة من التجار والمستهلكين إلى حالة من القلق والترقب.

أسفر هذا القلق عن موجة طلب مبكر على السلع، تحسبًا لنقص متوقع أو ارتفاع أكبر في الأسعار. هذا الوضع، بدوره، فتح الباب أمام بعض “تجار القلق” والمحتكرين لاستغلال الموقف لتحقيق أرباح غير مشروعة.

الأثر النفسي والمضاربة

أشار العبد الله إلى أن الأثر النفسي للأزمة لعب دورًا محوريًا في زعزعة استقرار السوق. فسرع المستوردون في إعادة تقييم تكاليف الشحن والتأمين، تحسبًا لاضطرابات محتملة في حركة الملاحة أو ارتفاع أسعار الوقود والنقل. وقد انعكس هذا على أسعار الجملة، حتى دون تسجيل تكاليف فعلية جديدة بعد. وأكد أن التجار يتصرفون غالبًا وفقًا لتوقعاتهم المستقبلية، مما يجعل السوق عرضة لتقلبات متسارعة بفعل العوامل الخارجية.

تتكرر ظاهرة التخزين والمضاربة مع كل أزمة إقليمية، مما يستوجب تدخلاً عاجلاً وحازمًا من الجهات الرقابية لضبط السوق، وفقًا للعبد الله. وأكد أن غرفة التجارة تتابع المستجدات وتقدم توصيات للسلطات بضرورة التشديد على مراقبة حركة الأسعار، وضبط عمليات التخزين ومكافحة الاحتكار.

دعوات للاستعداد الاقتصادي والشفافية

شدد العبد الله على أن تكرار الأزمات الإقليمية يتطلب نمطًا جديدًا من الاستعداد الاقتصادي، عبر تعزيز المخزون الاستراتيجي من المواد الأساسية وتطوير آليات رصد ومتابعة سريعة لتغيرات السوق. وحذر من أن ترك السوق في مواجهة مفتوحة مع الأخبار السياسية دون أدوات استجابة سريعة وفعالة، يجعلها عرضة للاختلال والفوضى.

واختتم تصريحه بالتأكيد على أن استقرار السوق لا يرتبط فقط بوفرة السلع، بل كذلك بثقة المستهلك والتاجر في قدرة الدولة على إدارة الأزمات. وطالب بتفعيل أدوات التدخل السريع والتواصل المباشر مع الفعاليات التجارية والصناعية، لضمان عدم تحويل المخاوف السياسية إلى وقود لأزمة اقتصادية جديدة تضرب معيشة السوريين.

يذكر أن التصعيد الأخير بدأ بإعلان إسرائيل في 13 حزيران/يونيو الجاري عن عملية “الأسد الصاعد” لتدمير البرنامج النووي الإيراني، فيما توعدت إيران برد قاسٍ بإطلاق عملية “الوعد الصادق 3″، مما أدى إلى تصاعد التهديدات المتبادلة والهجمات العسكرية بين الجانبين.

حساباتنا: فيسبوك  تلغرام يوتيوب

المزيد ايضا..
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.