شركات شحن سورية تشتكي من “تعقيدات المعابر”
في ظل استعداد عدد متزايد من العائلات السورية للعودة من تركيا، وجّه تجار وأصحاب شركات شحن سوريون في إسطنبول نداءً عاجلًا إلى “الهيئة العامة للمنافذ”، طالبوا فيه بتسهيل إجراءات العبور عبر المعابر البرية بين البلدين، مشيرين إلى أن العقبات لم تعد سياسية أو أمنية، بل إدارية وتنظيمية بالدرجة الأولى.
وأوضح التجار أن الإجراءات الجمركية الحالية تُعيق حركة الشحن وعودة المواطنين على حد سواء، لافتين إلى أن الرسوم المرتفعة والتغييرات المفاجئة في البنود الجمركية تسببت بخسائر كبيرة، خصوصًا أن الجمارك لا تميّز بين البضائع الجديدة والمستعملة، رغم أن أغلب العائدين ينقلون أثاثًا ومواد شخصية قديمة.
وطالبوا بوضع آلية واضحة تنظم عملية شحن العفش الشخصي، على غرار الأنظمة المعتمدة في الموانئ، بحيث تُسجل الشحنة باسم صاحبها حصراً، لمنع استغلال الإعفاءات الجمركية في تمرير بضائع تجارية، وهو ما اعتبره أصحاب الشركات أحد الأسباب الرئيسية التي أضرت بعملهم.
رد الهيئة العامة للمنافذ
في المقابل، أكد مدير العلاقات في الهيئة العامة للمنافذ مازن علوش في تصريح خاص لتلفزيون سوريا، أن الإجراءات المعمول بها “واضحة ومبسطة” وتهدف إلى تسهيل عودة المواطنين، محمّلًا بعض شركات الشحن مسؤولية العرقلة بسبب “تحايلها على النظام الجمركي” من خلال إدخال بضائع جديدة تحت بند الأثاث المستعمل.
وأشار علوش إلى أن التشدد في بعض الحالات يأتي في إطار مكافحة التهرب الجمركي ومنع تمرير المواد الممنوعة، مضيفًا أن التعرفة الجمركية تخضع لرقابة دقيقة لضمان العدالة في التقييم.
شكاوى الشركات: “التقييم غير دقيق والتفتيش مكلف”
يحيى ملازم، صاحب شركة “واي جيكس” للشحن في إسطنبول، رحّب برد الهيئة لكنه شدد على أن شركات الشحن تواجه “مشكلات مزمنة” عند المعابر، رغم أن الشحنات تغادر الأراضي التركية ببيانات رسمية وموثقة.
واتهم ملازم الكشافين السوريين بتغيير البنود الجمركية بشكل عشوائي، ما يؤدي إلى تكاليف إضافية باهظة قد تصل إلى آلاف الدولارات، مؤكدًا أن هذا التغيير ينعكس على أسعار الخدمات المقدمة للزبائن ويزيد من خسائر الشركات.
كما انتقد أسلوب التفتيش في بعض المعابر، قائلاً إن عمليات الفحص “غير احترافية” وتتسبب أحيانًا بتلف الكراتين أو المعدات، مضيفًا أن السماح المجاني بنقل العفش الشخصي شجّع بعض الشركات على تمرير بضائع تجارية دون رسوم، ما أضر بالشركات النظامية.
بدوره، أشار عبد الله الأشرم، صاحب شركة “الأشرم” للشحن، إلى أن المشكلة لا تتعلق بالرسوم نفسها بل بعملية التقييم، إذ يفتقر بعض الكشافين إلى الخبرة الكافية لتحديد الرموز الجمركية بدقة. وأوضح أن هذا الخلل تسبب بتراجع ثقة أصحاب المشاريع الصغيرة الذين يخشون إرسال بضائعهم إلى سوريا خشية تكبد خسائر غير متوقعة.
وأكد الأشرم أن تسهيل العمل الجمركي من شأنه دعم عجلة التعافي الاقتصادي، داعيًا إلى تعاون أكبر بين شركات الشحن والجهات الرسمية لحل المشكلات الميدانية المتكررة.
خبير اقتصادي: الحل في الأتمتة وتوحيد الرموز الجمركية
الخبير الاقتصادي ملهم الجزماتي رأى أن جميع الأطراف تمتلك مبرراتها، مشددًا على أن دور الحكومة يكمن في تحقيق التوازن بين حماية السوق المحلية وتسهيل عودة النشاط التجاري.
ودعا الجزماتي إلى أتمتة العمل في جميع المعابر، وتوحيد الرموز الجمركية بالتنسيق مع دول الجوار، للحد من التضارب في التقييمات وتبسيط حركة البضائع. وذكّر بحوادث سابقة اشتكى فيها صناعيون من رسوم غير متوازنة على منتجات مستوردة أضرت بالصناعة المحلية، معتبرًا أن مراجعة شاملة للبنود الجمركية باتت ضرورة لضمان العدالة وتشجيع الإنتاج الداخلي.
اقرأ أيضاً:أزمة حادة في مشافي الأمراض النفسية بسوريا: نقص الأخصائيين وتزايد مرضى الفصام