العائدون إلى مخيم اليرموك يشكون الإهمال وغياب الخدمات الأساسية
يواجه العائدون إلى مخيم اليرموك جنوب العاصمة السورية دمشق، ظروفًا معيشية صعبة في ظل غياب الخدمات الأساسية وضعف تدخل الجهات الرسمية، سواء من محافظة دمشق أو من وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا). ويقول السكان إن وتيرة إعادة التأهيل بطيئة للغاية، فيما تبقى المبادرات المحلية محدودة التأثير أمام حجم الدمار الكبير الذي يعانيه المخيم.
خليل المروان، أحد العائدين إلى اليرموك، قال في حديث لـالعربي الجديد إن عودة الحياة إلى المخيم لا تزال بطيئة جدًا بسبب ضعف الخدمات، مضيفًا: “الوضع هنا لا يختلف كثيرًا عن الحجر الأسود، رغم أن اليرموك يتبع لمحافظة دمشق بينما يتبع الحجر الأسود لريف دمشق، ولا يفصل بينهما سوى شارع واحد”. وتابع: “الخدمات شبه غائبة والدمار هائل. المنطقة كانت مهمشة قبل الأحداث، وبعد سقوط النظام ازدادت المعاناة ونزح معظم السكان”.
وأكد المروان أن العائدين لم يتلقوا أي دعم يُذكر منذ سقوط النظام، لا من الحكومة ولا من المنظمات الإنسانية، مشيرًا إلى أن معظم العائلات تعيش أوضاعًا اقتصادية متردية وتعتمد على مجهودها الذاتي في إصلاح ما يمكن إصلاحه. وأضاف: “الشوارع ما زالت مملوءة بالأنقاض، والمياه والأفران والخدمات الأساسية الأخرى غير كافية لتلبية احتياجات الناس”. كما لفت إلى غياب الدعم المادي واللوجستي للأهالي الذين يحاولون ترميم منازلهم، مؤكداً أنه لم تُرمم أي مدرسة داخل المخيم حتى الآن.
ورغم هذه الظروف، عاد كثير من السكان إلى المخيم بسبب غلاء الإيجارات في دمشق والمناطق المجاورة. ويعيش العديد من العائدين في منازل تفتقر للأبواب والنوافذ، بعد أن أعادوا تأهيلها بوسائل بسيطة. وتترقب هذه العائلات أي دعم محتمل قبل حلول فصل الشتاء لمواجهة البرد وصعوبات الحياة اليومية.
من جهته، قال فايز أبو عيد، مدير مجموعة العمل من أجل فلسطينيي سوريا، إن التمويل المحدود وضعف تدخل محافظة دمشق يمثلان أبرز العقبات أمام تحسين الأوضاع في المخيم. وأضاف أن الهيئة المحلية لمخيم اليرموك تحاول إدارة شؤون المنطقة عبر مبادرات فردية مثل حملات النظافة التي تتم بالتعاون مع المحافظة، لكن هذه المبادرات “تظل محدودة جدًا”.
وأوضح أبو عيد أن هناك مبادرة بعنوان “أبشر يا مخيم اليرموك” تهدف إلى تنظيف المنطقة من الركام، لكنها تواجه صعوبات في التنفيذ بسبب الحاجة إلى موافقات رسمية، ما يحد من قدرة الأهالي على إنجاز الأعمال المطلوبة. وأكد أن “كثرة الإجراءات البيروقراطية تجعل من أي جهد شعبي عملية شاقة وغير ميسرة”.
وتشير التقديرات المحلية إلى أن عدد سكان المخيم يبلغ نحو 25 ألف نسمة، معظمهم من العائدين الذين هُجروا قسرًا إلى مناطق أخرى داخل سوريا خلال السنوات الماضية، فيما يُقدّر عدد سكان منطقة الحجر الأسود المجاورة بحوالي 10 آلاف نسمة، بعد أن كان العدد الإجمالي للسكان في المنطقتين يتجاوز المليون قبل عام 2011.
ويطالب علي عيسى، أحد سكان المخيم، بتدخل عاجل من الجهات المعنية، قائلاً: “من غير المفهوم هذا الغياب من محافظة دمشق. نحتاج إلى فتح الطرق وإزالة الأنقاض، فلا نرى أي آليات ثقيلة تعمل في المنطقة. الطرق سيئة، والماء والكهرباء شبه غائبين، والحياة اليومية صعبة للغاية”.
وكان مخيم اليرموك قبل الثورة يضم نحو 360 ألف فلسطيني، بينما تشير بيانات الأونروا إلى أن عدد المسجلين لديها من سكان المخيم بلغ 144 ألف لاجئ فلسطيني. واليوم، وبعد سنوات من الحرب والتدمير والنزوح، يبقى المخيم صورة مصغرة عن معاناة آلاف العائدين الذين يحاولون استعادة حياتهم وسط الإهمال وضعف الخدمات.
اقرأ أيضاً:تحذيرات من تزوير وبيع أملاك الفلسطينيين في مخيم اليرموك جنوبي دمشق