واشنطن تسعى لنفوذ كامل في سوريا: رفض أي تنسيق روسي-إسرائيلي
تستمر سوريا بعد سقوط نظام بشار الأسد في كانون الأول/ديسمبر 2024، كإحدى أبرز ساحات الصراع الإقليمي والدولي، وسط سباق بين القوى الكبرى لتثبيت مواقعها ونفوذها. وبينما تسعى إسرائيل لفرض وقائع ميدانية جديدة عبر القوة العسكرية، تعمل روسيا على الحفاظ على قواعدها ومكتسباتها، في وقت تتحرك فيه الولايات المتحدة لتكريس حضور كامل يقطع الطريق على أي تنسيق روسي-إسرائيلي في الداخل السوري.
إسرائيل: قوة لفرض الترتيبات الأمنية
منذ سقوط الأسد، كثفت إسرائيل عملياتها العسكرية وتوغلاتها البرية في الجنوب السوري بهدف تدمير القدرات العسكرية وفرض ترتيبات أمنية جديدة. وتصر تل أبيب على اتفاق أمني يتجاوز تفاهمات عام 1974، عبر الاحتفاظ بمواقع استراتيجية مثل مرصد جبل الشيخ، وإنشاء منطقة شبه عازلة خالية من الأسلحة الثقيلة.
بالمقابل، تسعى دمشق إلى اتفاق أمني أقرب إلى صيغة 1974، في ظل وساطة أميركية ومحادثات غير مباشرة، من بينها لقاءات جرت في لندن وأذربيجان بين مسؤولين سوريين وإسرائيليين. وتبدي واشنطن اهتماماً بإنجاز اتفاق أمني سوري-إسرائيلي على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، حيث يلتقي الرئيس الانتقالي السوري أحمد الشرع عدداً من القادة الدوليين، بينهم الرئيس الأميركي دونالد ترامب.
روسيا: قواعد ثابتة مقابل تنازلات سياسية
في موازاة ذلك، تعمل موسكو على ترسيخ وجودها العسكري، خصوصاً في قاعدة حميميم والساحل السوري. زيارة الوفد الروسي الأخيرة إلى دمشق ركزت على ملفات اقتصادية وأمنية، وشملت دعوة الشرع إلى ملتقى الأعمال الروسي-السوري. ويُنظر إلى تثبيت الوجود الروسي في الساحل كخطوة لطمأنة العلويين، لكن مراقبين يرون أن دمشق قد تستخدم ذلك كورقة تفاوضية مقابل تسليم وثائق تدين بشار الأسد أو للتفاوض على ملف الديون المستحقة لموسكو.
الساحل والسويداء: مناطق ترقب وتحركات ميدانية
قبل الزيارة الروسية، تحدثت تقارير عن تحركات في الساحل السوري مشابهة لما جرى في السويداء، مع مطالب بانفصال أو إدارة ذاتية. أرسلت دمشق تعزيزات عسكرية إلى الساحل، وأمرت بخروج بعض الفصائل، مع تثبيت نقاط لقوات الأمن العام، في محاولة لإحكام السيطرة ومنع أي تطور مشابه.
في المقابل، انتشرت معلومات عن محاولات تنسيق بين مجموعات من الطائفة العلوية، قوات سوريا الديمقراطية، وفصائل درزية في السويداء، بهدف القيام بتحركات متزامنة لإضعاف حكم الشرع. وتحدثت مصادر عن جهود لتسليح مجموعات في جبال العلويين ومنطقة سهل الغاب، ما يفتح الباب أمام احتمالات تصعيد جديدة.
واشنطن: قطع الطريق على موسكو وتثبيت الشرع
في ظل هذه المعادلات، تؤكد مصادر سياسية أن واشنطن لن تسمح بأي تعاون روسي-إسرائيلي حول سوريا. وتعمل الإدارة الأميركية على دفع اتفاق السويداء إلى التنفيذ تحت إشرافها، بالتوازي مع رعايتها للتفاوض الأمني بين دمشق وتل أبيب.
تسعى الولايات المتحدة لتوسيع نطاق نفوذها من الشرق نحو الوسط والغرب السوري، ليس بالضرورة عبر قواتها المباشرة، بل من خلال الاعتماد على فصائل محلية مدربة ومجهزة أميركياً. وتفيد معلومات عن بحث واشنطن في إنشاء قاعدة عسكرية بمطار الضمير، كجزء من خططها لتعزيز السيطرة على طريق M5 الاستراتيجي، الذي يربط الجنوب بالشمال السوري.
هذا الطريق، الذي يفتح بدوره ممرات تجارية إقليمية جديدة، يحظى بأهمية خاصة لدى السعودية التي تراهن عليه لربط أراضيها بالأردن، فسوريا، وصولاً إلى تركيا وأوروبا، أو إلى الساحل السوري نحو المتوسط. وهو ما يجعل مستقبل الساحل السوري مرتبطاً بشكل وثيق بترتيبات دولية تشمل الأميركيين، الروس، والأتراك.
إقرأ أيضاً: إسرائيل تمسك بقمة جبل الشيخ رغم احتمالات اتفاق أمني
اقرأ أيضاً:منطقة منزوعة السلاح وممر جوي باتجاه إيران.. سوريا وإسرائيل على أعتاب اتفاق أمني