كَثُر الحديث مؤخراً عن تجهيز قوات الاحتلال الأميركي للتحرك ضد الجيش العربي السوري وحلفاؤه شرق الفرات، حيث تم تداول معلومات تفيد بتحضير ميليشيات من قسد وغيرها في دير الزور لقتال الجيش.
وأبعدت قوات الاحتلال الأميركي المدنيين من الشريط الممتد من البوكمال عند الحدود العراقية السورية، حتى التنف القريبة من السويداء، بحسب مصادر محلية، وذلك في سبيل تنفيذ المخطط الأميركي بوصل الشرق بالجنوب.
وجاءت المعلومات عن التحركات الأميركية في ظل التطورات التي تحكم محافظة السويداء، حيث انتقل الأميركي من مرحلة التصريحات في مجلس الأمن حول التوترات جنوب سورية، إلى التواصل المباشر مع أحد شيوخ العقل في السويداء “حكمت الهجري” عن طريق النائب الأميركي الجمهوري، فرينش هيل، عبر اتصال استفسر فيه عن حقيقة ما يجري في السويداء، مشدداً على سلامة “الهجري” الشخصية التي تشكل موضع اهتمام خاص لواشنطن، وفق وسائل إعلام.
وأثارت تطورات السويداء الأخيرة موجة من التساؤلات، ووضعت إشارات استفهام، حول قرار غربي بسرقة مطالب المواطنين السلميين لصالح أجندات سياسية وفق سيناريو شبيه بما حصل عام 2011، خصوصاً مع مرور الوقت دون أي توضيح من “الهجري” حول التواصل مع السيناتور الأميركي ومضمونه، وسط تجييش قاده “الهجري” خلال الأيام الأخيرة، ضد حلفاء الدولة السورية، مغفلاً الاحتلالات الأمريكية والتركية والإسرائيلية ودورها في تأزيم الموقف في سورية.
وحول آخر التطورات، أوضح الخبير الاستراتيجي والعسكري اللواء محمد عباس لـ “داما بوست” أن “الأميركي غير مستعد للدخول في معركة عند البوكمال مع الجيش أو حلفاءه، لكنه سوف يستخدم أدواته بشكل دقيق وصريح، لكونها تستطيع تنفيذ أهدافه بأعلى دقة، خصوصاً وأنه زودها بكل ما تحتاجه، فهذه الأدوات تشكل مراكز حماية وحراسة متقدمة للمصالح الأميركية، وعملية عسكرية مباشرة على طريق البوكمال ستكون بمثابة الورطة للأميركي، لذلك الحل عبر استثماره لجيوشه البديلة”.
وأفاد الخبير الاستراتيجي أن “المواضيع المتداولة حول الشيخ حكمت الهجري والأميركي ومنطقة حظر الجوي، ليست جديدة، منذ عام 2011 والعدوان قائم على سورية بقصد تقسيمها وربطها بالخارج، والهجري لم يأت بجديد، ويبدو أنه مرتبط منذ فترة بهذا المخطط، والدلالة فيما ظهر إعلامياً مؤخراً، عبر المطالبة بشروط سياسية ورفع أعلام معادية لسورية، وغيرها من المؤشرات التي تدل على عمق التغلغل المعادي ضد أهلنا في السويداء، وهنا بحاجة الكثير من الوعي والإدراك لمواجهة الخطر المحدق بالبلاد، وبأهلنا في جبل العرب المعروف عن أهله الانتماء الواضح للهوية الوطنية”.
وأكمل “عندما يقوم عضو كونغرس أميركي بالتواصل مع شخصية دينية كبيرة مثل الهجري، ويعلن الأخير ارتباطه بالمشروع الأميركي، فهذا مؤشر خطير يحتاج للكثير من المسؤولية قبل التورط مع الأميركي والصهيوني، ومن اعتدى على شرق السويداء سابقاً لم يكن الجيش العربي السوري أو المقاومة، ومن حمى مطار الثعلة هم الأهالي بالتنسيق مع الجيش، واعتقد أن هذه المسائل من الضروري أخذها بعين الاعتبار، وأن يدرك الجميع أن الأميركي هدفه تدمير المنطقة عبر استهدافه المطالب المحقة التي يرفعها كل مواطن سوري لرفع الغبن عنه”.
وختم اللواء “عباس” أن “الغبن والظلم الذي لاحق المواطن ساهم الأميركي والصهيوني بوجوده، وذلك عبر الحصار والحرب، وهذه المطالب لا يمكن أن تتكامل مع العدوان، أو تمزيق الهوية السورية، ومن يحاول أن يشد السويداء إلى خارج الهوية الوطنية السورية، هو من يعتدي على أهلنا في السويداء، ويجدر بنا اليوم التصدي لهذا العدوان باسم السويداء وعموم سورية”.
جدير بالذكر، أن الشيخ الهجري الذي يحصد احتراماً كبيراً في الأوساط السورية على اختلافها، كان رفض سابقاً أحاديث دعوات الانفصال أو الخروج عن المسار الوطني، ما أثار الجدل بشكل كبير حول مواقفه الأخيرة، وعدم نفيه أو تأكيده حصول الاتصال بينه وبين عضو الكونغرس الأميركي وأسبابه.
وما زاد الطين بلة، أن حديث الشيخ “الهجري” تزامن مع ما نشرة أحد مستشاري الرئيس الاميركي السابق دونالد ترامب لشؤون الشرق الأوسط المدعو “وليد فارس” عبر حسابه على منصة X عن ما تناقشه الإدارة الأمريكية حول السويداء، قائلاً إن هناك توجه نحو إعلان السويداء منطقة حرة تحت حكم ذاتي، يحكمها الدروز لديها حدود مع الأردن، و تتوسط المنطقة الاستراتيجية بين قاعدة التنف الأمريكية و هضبة الجولان.
وزعم “فارس” أن قيادات السويداء تحدثت بشكل علني عن رفضها وجود ميليشيات إيران و حزب الله في المنطقة، ملمحاً إلى تصريحات أخيرة نسبت للشيخ “الهجري”.
وقال “فارس” إنه سيتم ترتيب حكومة محلية لإدارة المنطقة خدمياً و أمنياً، ومن المحتمل أن تقبل الإدارة الأمريكية بتطبيق منطقة حظر جوي فوق السويداء.
ويغفل “فارس” وغيره أن المزاج العام في السويداء لا ينسجم وتلك المخططات، وأن بضعة آلاف من مؤيدي تلك السيناريوهات لا يمثلون كامل المحافظة ولا باقي شيوخ العقل الذين يقومون بإدارة الدفة في عكس الاتجاه الذي يريده بعض قادة المجموعات المسلحة، من قادة “الحراك”.