مكاتب التوظيف في سوريا.. نافذة أمل أم فخ احتيال؟

في ظل ارتفاع البطالة والفقر، تحوّلت مكاتب التوظيف الخاصة، المرخّصة وغير المرخّصة، إلى وجهة رئيسية للشباب السوري الباحث عن عمل داخل البلاد أو عبر السفر إلى الخارج. إلا أن هذه المكاتب تمثل تحدياً كبيراً، قد تؤدي إلى بداية مهنية جديدة أو إلى فقدان المدخرات وتحقيق خيبة أمل كبيرة.

تجارب متباينة: بين النجاح والخسارة

مروة السعيد، خريجة اقتصاد من دمشق، دفعت 600 دولار لمكتب توظيف عبر الإنترنت للحصول على وظيفة في الخليج، لكنها انتهت بخسارة أموالها بعد إغلاق المكتب.

بينما استطاع ليث الهمام من ريف دمشق، بعد التعامل مع مكتب مرخّص، السفر إلى أربيل والعمل هناك، وجمع مدخراته لافتتاح ورشة خاصة به عند عودته.

رامي البستاني، من دمشق أيضاً، خسر وقتاً ثميناً بعد التعامل مع مكتب وعده بالوظيفة في الكويت، لكنه نجح لاحقاً في استرجاع أمواله.

مكاتب مرخّصة وأخرى وهمية

تتنوع تجربة الباحثين عن العمل وفق نوع المكتب:

  • المكاتب المرخّصة: تمتلك سجل تجاري ومقر واضح، توفر فرص عمل حقيقية مع شروط واضحة للرسوم والإجراءات، لكنها تواجه تحدياً في بناء الثقة بعد انتشار المكاتب الوهمية.

  • المكاتب غير المرخّصة: غالباً تعمل عبر الإنترنت أو من المنازل، تعرض وظائف مغرية مقابل مبالغ مالية عالية، لكنها تختفي بعد استلام الأموال تاركة ضحاياها بلا عمل ولا أمل.

الجانب القانوني وحماية الباحثين عن العمل

يوضح المحامي عبد الخالق حميدان أن التعامل مع المكاتب المرخّصة يوفر حماية قانونية أفضل، إذ يمكن مقاضاتها في حال الاحتيال، بينما تصعب متابعة المكاتب غير المرخّصة بسبب عملها خارج الإطار القانوني.

ويشير سميح شقير، صاحب مكتب مرخّص في دمشق، إلى أن انتشار المكاتب الوهمية يضر حتى بالمكاتب الجادة، ويزرع الشك في نفوس الباحثين عن العمل.

أرقام البطالة وحجم الضغط على الشباب

بلغ معدل البطالة في سوريا عام 2024 نحو 12.96%، فيما وصلت بطالة الشباب (15–24 عاماً) إلى 31.48%، مع نسب أعلى في بعض المحافظات تتجاوز 40%. وتشكل النساء 53% من إجمالي العاطلين.

يقول الخبير الاقتصادي حسام طه إن غياب مؤسسات قادرة على خلق فرص عمل جعل سوق الوظائف عرضة للاستغلال من قبل الوسطاء والمكاتب غير القانونية، مؤكداً أن الشباب بين 18 و28 عاماً هم الأكثر تعرضاً للمخاطر.

خلاصة

بين تجارب الخيبة والنجاح، يظل الشباب السوري عالقاً بين حلم تحسين الحياة وكابوس الاحتيال. مكاتب التوظيف قد تمثل نافذة أمل، لكنها في الوقت نفسه مفتوحة على المجهول، حيث يمكن أن تتحول الفرصة إلى خسارة مالية ومعنوية كبيرة.

 

اقرأ أيضاً:فوضى الأسعار في سوريا تتفاقم مع اقتصاد السوق الحر

حساباتنا: فيسبوك  تلغرام يوتيوب تويتر

المزيد ايضا..
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.