حكومة تبحث عن شرعيتها في الخارج وتتجاهل الداخل

شرعية خارجية.. غياب الداخل

منذ وصول أحمد الشرع إلى رئاسة الحكومة الانتقالية في دمشق، بدا واضحاً أن أولويته ليست الداخل السوري بل العلاقات الخارجية. زيارات إلى موسكو، لقاءات في باريس، تفاهمات في باكو، وحتى رسائل مرونة تجاه “إسرائيل”، كلها خطوات تؤكد أن الشرعية التي يسعى إليها الشرع ليست مستمدة من الشعب بل من الخارج.
لكن هذا النهج يترك فراغاً كبيراً في الداخل، حيث لا يشعر السوريون بأي تغيير ملموس في حياتهم اليومية أو أي انفتاح سياسي يضمن لهم المشاركة في رسم مستقبلهم.

اتفاقات فوقية بلا حوار وطني

من أبرز الأمثلة اتفاق وقف القتال في السويداء، الذي جاء برعاية أميركية – إسرائيلية، من دون أي مشاورات مع الفاعلين المحليين أو القوى المدنية.
هذا النمط من التفاهمات “الفوقية” يمنح السلطة فرصة لالتقاط الأنفاس دبلوماسياً، لكنه يفاقم شعور السوريين بأنهم مجرد متفرجين على صفقات تُعقد فوق رؤوسهم.

يرى الدكتور جمال السيد أحمد أن هذا المسار “يؤدي إلى إضعاف الشرعية الداخلية وتحويل الحكومة إلى سلطة مرتهنة للخارج”.
ويضيف الباحث سام دلة أن الشرع “اختار الطريق الأسهل” بالبحث عن غطاء دولي بدلاً من بناء قاعدة وطنية، وهو خيار قد يمنحه وقتاً قصيراً لكنه يعرّضه لانهيار طويل المدى عند أول تغير في مواقف تلك الدول.

الأقليات السورية.. قلق يتعمق

الدروز، العلويون، الأكراد، وحتى بعض المكونات المسيحية، يطالبون بمزيد من الحكم الذاتي أو ضمانات دستورية تقيهم التهميش.
لكن السلطة الحالية لا تزال تتمسك بدستور مؤقت يترك معظم الصلاحيات في يد رئيس الحكومة، ما يفاقم أزمة الثقة ويدفع هذه المكونات للشعور أنها مهمشة في معادلة “الدولة الجديدة”.

روسيا تعود بقوة.. والداخل يتآكل

زيارة وزير الخارجية السوري إلى موسكو أعادت الروس بقوة إلى المشهد: اتفاقيات ديون وتسليح، وضباط جدد لإدارة مناطق الأقليات. تركيا من جانبها تنظر إلى موسكو كضامن لمصالحها، بينما تبقى معاناة السوريين الاقتصادية والاجتماعية بعيدة عن طاولة البحث.

الداخل الغائب.. الخارج المقيّد

باستثناء تنسيق أمني محدود مع “قسد”، لا توجد مبادرات حوار وطني. الشرع يفضّل الجلوس مع قادة العالم على فتح قنوات حوار مع القوى السورية.
لكن هذه المقاربة تحمل خطراً مزدوجاً: فهي لا تعطيه شرعية داخلية حقيقية، ولا تضمن له دعماً خارجياً دائماً، لأن مصالح الدول قد تتغير في أي لحظة.

إقرأ أيضاً:من يدير اقتصاد الظل في سوريا 2025؟

حساباتنا: فيسبوك  تلغرام يوتيوب

المزيد ايضا..
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.