داما بوست | العراق
هدد الجفاف الحياة في الأهوار العراقية، بسبب تدني مستوى المياه بالفترة الأخيرة، نتيجة قلة الإطلاقات المائية للأنهار التي تنبع من دول جوار العراق، وتحديداً تركيا التي تحرم العراق من حصته المائية منذ نحو ثلاثة أعوام، مما أدى إلى جفاف شبه تام للأهوار التي كانت تشكل موقعاً سياحياً هاماً، ومنطقة زراعية يعتمد فيها السكان على زراعة الأزر وصيد السمك وتربية الجاموس، إلا أن تلك المقومات الثلاثة لم تعد موجودة كما قبل، بسبب نفوق أطنان من الأسماك وندرة وجود الجواميس التي قتلها الجفاف، وتعد منطقة الأهوار التي أدرجتها منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة “يونسكو” تراثاً عالمياً، ومع تزايد حدة موجة الجفاف صارت أهوار ذي قار وميسان، شبه خالية من السكان الذين نزحوا بعد انتهاء مقومات الحياة فيها.
وجاء في بيان لمنظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة “الفاو” أن الأهوار تشهد أشد موجة حر في الأربعين عاماً الماضية، مصحوبة بنقص مفاجئ في مياه نهر الفرات حول 70% من مساحتها إلى شبه صحراء جافة وقاحلة، ما أدى لارتفاع مستويات الملوحة التي تجاوزت 6000 جزء في المليون، ونفوق أعداد كبيرة من الجواميس وغيرها من المواشي الأمر الذي أثار قلق المزارعين والصيادين. وحذرت “الفاو” من العواقب الخطرة لتغير المناخ وندرة المياه، مع انخفاض منسوب المياه في نهر الفرات إلى 56 سم فقط وأقل أيضاً، وفي أهوار “الجبايش” بلغ من صفر إلى 30 سم فقط.
وبعد نفوق الأطنان من الأسماك في محافظة ميسان، أوعز مدير عام دائرة البيطرة العراقي “تامر حبيب حمزة” بتشكيل فرق بيطرية برئاسة مدير المستشفى للكشف عن سبب نفوق الأسماك في ناحية الخير، وذكر “حمزه” أن نتائج الكشف أظهرت نفوق أنواع صغيرة من الأسماك على سطح الماء، كما لاحظ الفريق كثرة الطحالب المغطية للمسطحات المائية.
وقال “حمزه”.. “الفريق البيطري أجرى تشخيصاً تشريحياً للأسماك للتأكد من وجود أي تعفن يدل على وجود مرض فيروسي، وأثبت الفحص عدم وجود أي مرض فطري أو فيروسي، وإنما السبب الرئيسي لنفوق هذه الأسماك هو قلة الإطلاقات المائية لنهر العز، وانخفاض مستوى الماء في النهر مع قلة الأوكسجين وارتفاع نسبة الملوحة وارتفاع درجة الحرارة كلها عوامل سببت النفوق لهذه الأنواع من الأسماك”.
بالمقابل، اتجهت ردود أفعال الوسط العراقي إلى مطالبة الحكومة العراقية بالتحرك الفعلي اتجاه الدول التي منعت من وصول المياه إلى العراق نتيجة لبناء السدود عليه، مؤكدين أن الحكومة العراقية هي المعنية بهذا الملف، ومطالبة باتخاذ إجراءات حاسمة في التواصل مع الدول المعنية.
وألمحت مصادر برلمانية، إلى ضرورة استخدام الورقة الاقتصادية من أجل استرداد حقوق العراق المائية، مؤكدة أن نجاح السلاح الاقتصادي العراقي سيكون فعالاً، الأمر الذي سينعكس على المصالح والعلاقات الاقتصادية للدول المتشاطئة داخل العراق.
وتوصل العراق إلى اتفاق مع تركيا في آذار المنصرم، لرفع الإطلاقات المائية بواقع 400 متر مكعب في الثانية من نهر دجلة، و500 متر مكعب في الثانية من نهر الفرات، إلا أن تركيا لم تلتزم حسب ما تظهر التطورات الخطيرة الأخيرة، وخلال أقل من 4 سنوات وتحديداً منذ عام 2019، فقد العراق الذي بات في المرتبة الخامسة على مؤشر الجفاف العالمي، نحو 53 مليار متر مكعب من مخزونه المائي، وفق بيانات وزارة الموارد المائية.