داما بوست- منهل إبراهيم| يحاول الكيان الصهيوني الهرب ما استطاع من الهزيمة الميدانية، لكن طوفان الأقصى غير هذه المعادلة، وجرف أمامه كثيراً من الجنود والضباط الصهاينة وغير من القناعات والمفاهيم الصهيونية والغربية الكثير الكثير، وبدد الأوهام التي خيمت على العقول في الكيان وأمريكا.
الغرب أصبح اليوم يخلع سربال التقرب من الكيان بعد عار الهزائم الميدانية وعار الجرائم البشعة التي ارتكبها الاحتلال في غزة، وبات كثير من مثقفيهم ومفكريهم يتحدثون عن أن ما آلت إليه الحرب الإسرائيلية على غزة حتى الآن بمساعدة الولايات المتحدة، وحلف الناتو، وكانت النتيجة هزيمة إستراتيجية ميدانية سقط معها مجلس الحرب الصهيوني وبقي نتنياهو وحيداً في الميدان يتجرع الهزيمة.
نعم هي الهزيمة بأبعادها الثلاثية فجيش الاحتلال لم يقض على المقاومة، ولم يسترجع أسراه من مخالبها الحديدية في غزة، ولم ينجح في حل أزماته الداخلية والتصدعات داخل الكيان ومحو آثار الهزيمة النفسية التي لحقت بمستوطنيه منذ أن غرقوا في الطوفان الكبير الذي لا يصدقه العقل الصهيوني حتى هذه اللحظة.
ما أنجزته آلة الحرب الإسرائيلة في غزة هو التدمير الممنهج والإبادة الجماعية المتأصلة في عقيدتها بالفتك بالأطفال والنساء والشيوخ حتى وضعت على قائمة العار، لكنها بقيت الكيان اللطيف المدلل في نظر جو بايدن، وغربانه.
نعم وليس نحن نقول بل نتائج الحرب على غزة هي التي تقول إن “إسرائيل” وجيشها المحتل، وإدارتها السياسية أخفقت في الحرب، ودكت المقاومة الأرض من تحت جنودها، بكمائن الموت والاشتباك من المسافة صفر.
قرار حل مجلس الحرب الذي شكله نتنياهو بنفسه في 11 أكتوبر2023 وما تلى ذلك من تداعيات على المشهد السياسي في “إسرائيل”، أثبت الفشل في حرب الكيان على غزة، وأظهر هزالة هذا المجلس وثوبه العسكري المقفع.
مجلس الحرب الذي شكله نتنياهو وهو في حالة من الهلع في فترة ما بعد السابع من أكتوبرالماضي يفتقر إلى ما يسمى السلطات الدستورية، وكان الغرض في الأساس من تشكيله تسهيل عملية اتخاذ القرار من أجل التعامل بسرعة مناسبة مع الأحداث والمخاوف الأمنية والعسكرية التي طرأت على المشهد الصهيوني منذ هجوم حماس على مستوطنات إسرائيلية في أكتوبرالماضي.
ولو فكرنا قليلاً في مصطلح “مجلس الحرب” لوجدنا أنه يجمل في طيات تشكيله الضعف الصهيوني، فحركة كحماس بعدتها وعتادها البسيط أجبرت ترساسة عسكرية كبيرة على الدخول في موجة الهلع وتشكيل مجلس حرب لمواجهتها، وفي ذلك عبرة كبيرة لجهة ضعف الكيان بالرغم من ترسانة الأسلحة والدعم الذي يتلقاه.
لا شك أن حل المجلس الحربي وضع نتنياهو في مأزق بعد أن فقد الشرعية وجزء كبير من المساحة التي كان يناور فيها، ووضع حليفته الأمريكية في مأزق على حد سواء، وسوف يزيد من ضعف نتنياهو وعزلته سياسياً، ويلحقه بانكسار عسكري مضاعف على أرض الميدان.
ما يحصل في حرب الكيان على غزة وتغير المشهد الدولي يعد هزيمة إستراتيجية للغرب وفي مقدمتهم أمريكا وبريطانيا، هذا الغرب الاستعماري الذي طالما لبس العقل الصهيوني ودعا له على منابره السياسية والعسكرية، وهو من زرع “إسرائيل” كالسرطان في الجسد العربي، وحرص على الدوام على نجدته في كل خطر، والذود عنها عند كل مواجهة تريد استئصاله.
الغرب وزبانيته أرادوه ولا يزالون خلية قاتلة تستشري وتلتهم الأراضي العربية بشقيها المحتل وغير المحتل، وهؤلاء ما زالوا يدعمون الكيان، ويبكون بشكل حقيقي وكبير على هزائمه في الميدان أمام حركات المقاومة برغم دعمهم الكبير.