داما بوست- تحليل إخباري| تثير مسألة سنوات حكم بوتين الـ 6 القادمة قلق الدول الغربية التي تعارض سياسة روسيا خصوصاً تلك التي تدعم أوكرانيا في الحرب، لكن على ما يبدو فإن الصين تمر بفترة راحة بال لنجاح الرئيس بوتين بالانتخابات وتعول على هذا النجاح في المستقبل لتطوير العلاقات نحو الأفضل.
وبالنسبة لزعماء الغرب، فإن الفوز الساحق الحتمي الذي حققه فلاديمير بوتين في انتخابات بدون معارضة حقيقية هو بمثابة تذكير بسيطرته المشددة على الساحة السياسية في روسيا مع استمرار حربه ضد أوكرانيا.
ولكن الزعيم الصيني شي جين بينغ، وغيره من الزعماء المستفيدين من رفض بوتين للنظام العالمي الذي يقوده الغرب، والقطبية الأحادية التي تحاول أمريكا ترسيخها سوف يحتفلون بانتصاره بالانتخابات الروسية.
لقد أشارت النتائج الجزئية التي أعلنتها هيئة الانتخابات الروسية حتى وقت مبكر من صباح اليوم الاثنين إلى فوز كبير متوقع لزعيم الكرملين في الانتخابات التي استمرت ثلاثة أيام، بظل أن النتيجة النهائية محسومة.
الرئيس الصيني راهن على علاقته مع بوتين منذ بداية حرب الكرملين على كييف لحماية دونباس قبل أكثر من عامين، ورفض التراجع عن شراكة “بلا حدود” أعلنها مع الزعيم الروسي قبل أسابيع من العملية العسكرية ضد أوكرانيا، مع تعزيز التجارة والأمن والاستقرار، والعلاقات الدبلوماسية.
الرئيس شي يرى بوتين شريكاً حاسماً في مواجهة التوترات المتصاعدة مع الولايات المتحدة وفي إعادة تشكيل عالم يعتقد أنه يخضع لهيمنة القواعد والقيم التي وضعتها واشنطن وحلفاؤها بشكل غير عادل، كما أن العلاقة المستقرة مع موسكو تسمح لبكين بالتركيز على مجالات أخرى مثيرة للقلق مثل تايوان وبحر الصين الجنوبي.
وقال ستيف تسانغ، من مدرسة الدراسات الشرقية والإفريقية في جامعة لندن (SOAS)، قبل نتائج الانتخابات الروسية: “شي يرى بوتين شريكاً استراتيجياً حقيقياً”، مضيفاً أن أي شيء أقل من فوز ساحق لبوتين سيكون “مخيباً للآمال” لبكين.
سنوات حكم بوتين الـ 6 القادمة موضع ترحيب من الصين
كوريا الشمالية تسعى لتطوير العلاقات مع روسيا، والهند، على الرغم من تشديد علاقاتها مع الولايات المتحدة والدعوة إلى السلام في أوكرانيا، فقد استفادت من التبادلات المستمرة مع روسيا، وخاصة من خلال شرائها للنفط بأسعار مخفضة.
كما سعت حكومات أخرى في جميع أنحاء الجنوب العالمي إلى تعزيز الشراكات مع روسيا، حتى في الوقت الذي تدعم فيه السلام في أوكرانيا وقد عانت من الآثار الاقتصادية غير المباشرة للحرب.
والآن، وبينما يستعد بوتين للاستمرار لمدة ست سنوات أخرى على الأقل، يرأس بوتين اقتصاداً نجا من العقوبات وساحة معركة لم يشهد فيها بعد اختراقاً حاسماً لخصمه، ومن ناحية أخرى، هناك علامات ناشئة على التعب، وخاصة في الولايات المتحدة، حيث قد تؤدي الانتخابات الرئاسية الأمريكية إلى تقويض الدعم الأميركي لأوكرانيا.
ولا يزال من الممكن أن يتغير الكثير في الحرب، ولكن بالنسبة للدول التي ظلت قريبة من بوتين أو تجنبت الجهود التي تقودها الولايات المتحدة لعزله، فإن فوزه يضمن استقرار علاقاتها مع روسيا.
هناك مجموعة من الأسباب التي تجعل النظرة إلى بوتين مختلفة في بعض أجزاء العالم عنها في الغرب، منها صعود القوى المتوسطة المستاءة من هيمنة الولايات المتحدة على الشؤون الدولية، الرغبة في نظام عالمي لا ينظر بازدراء إلى المستبدين أو الدول القمعية، أو التطبيق العملي الاقتصادي البحت للاقتصادات التي تسعى إلى التنمية.
وكان الدعم الأمريكي لـ “إسرائيل”، خاصة وسط الدمار المستمر في غزة، نقطة عزل رئيسية للعديد من هذه الدول، كما أن انتقادات الصين البارزة لكيفية معاملة الفلسطينيين ترددت في معظم أنحاء الجنوب العالمي.
ونقلت وسائل الإعلام الرسمية الصينية نتائج الانتخابات الروسية اليوم الاثنين، حيث سلطت وكالة الأنباء الرسمية “شينخوا” الضوء على وعد بوتين بمواصلة تعزيز “التنمية الوطنية”، في حين أشاد عنوان آخر لوسائل الإعلام الرسمية بـ “العملية السياسية التي تتقدم بشكل مطرد” في روسيا.
كما سلطت التغطية الضوء على تعليقات بوتين في مؤتمر صحفي مساء الأحد، حيث أشار إلى “تطابق مصالح الدولة” بين الصين وروسيا وأكد أن هذا كان “عامل استقرار” في العلاقات الدولية.
ويقول مفكرو السياسة الخارجية الصينية، مثل وانغ ييوي من جامعة رنمين، إن بكين تشعر بالقلق إزاء التصعيد النووي وهو التحذير الذي أثاره بوتين مرة أخرى مؤخراً، واحتمال مشاركة المزيد من الدول الأوروبية بشكل مباشر في الحرب.
ومع تزايد الضغوط من مختلف أنحاء العالم لإنهاء الحرب الأوكرانية، من المرجح أن تؤدي نتائج الانتخابات الروسية التي جرت نهاية هذا الأسبوع إلى تعزيز وجهة نظر في بكين وبعض العواصم غير الغربية الأخرى القائلة إنهم كانوا على حق في دعم بوتين.