البديل ليس “بعبع”!
داما بوست – مارينا منصور
انتشرت ظاهرة عدم قبول المرضى أخذ “البديل” في الصيدليات لدى شرائهم الأدوية، وكثرت المشاحنات بين الصيدلاني والمرضى حول الموضوع، مع إصرار المرضى على أن الطبيب لا يقبل بالبديل.
فما هو البديل؟ وما حقيقة “البلبلة” التي يسببها؟
يتركب الدواء من مادة فعالة أساسية أو عدة مواد فعالة، ومواد إضافية تسمى “السٍواغات” وهي مواد تساعد على إذابة المادة الفعالة، أو تقنيع طعمها غير المرغوب به “المنكهات”، أو تحسين لون الشكل الصيدلاني ليلقى قبولاً لدى المريض خاصةً لدى الأطفال “الملونات”.
اليونادول..سيتامول بسترة زرقاء
لنأخذ مثالاً شائعاً وهو الدواء المعروف “سيتامول”
إن التركيب العلمي للسيتامول أو مادته الفعالة هي “أسيت أمينوفين” وهي المادة التي تسكّن الألم وتخفض الحرارة، أي التي تعطي التأثير الفعال، مضافاً إليها السواغات التي ذكرناها.
وعند تصنيع الشركات للأدوية، فإنها لا تطرح الدواء في السوق بالاسم العلمي أي في مثالنا “أسيت أمينوفين” بل تضع اسماً تجارياً خاصاً بها مثل “سيتامول” لشركة تاميكو، أو “اليونادول الأزرق” لشركة يونيفارما، وهو السيتامول نفسه لكن اختلاف الأسماء التجارية ينتج عن تعدد الشركات، ولا علاقة له إطلاقاً باختلاف التركيب العلمي الداخلي للدواء.
يكتب الطبيب الدواء في الوصفة بالاسم التجاري، أي إذا أراد وصف مسكن ألم وخافض حرارة، يكتب “يونادول الأزرق” مثلاً، بناءً على تعامله مع الشركة المذكورة أو تذكره لهذا الاسم التجاري دوناً عن غيره، فيذهب المريض للصيدلية لشراء الدواء، فإذا أعطاه الصيدلاني “سيتامول” تبدأ المشاحنات التي لا تنتهي، واتهام الصيدلاني بأنه على غير دراية وأن الدواء ليس نفسه، رغم أن “البديل” هو المادة الفعالة نفسها لكن تحت اسم شركة أخرى، أما الفائدة الطبية فهي لا تختلف أبداً،
وإيجاد البديل المناسب للمريض هو جزء من عمل الصيدلاني، في حال لا تتوافر لديه أدوية الشركة التي كتبها الطبيب في الوصفة، لكن ربما خوف المرضى أو قلة معرفتهم بالحقيقة العلمية وراء موضوع البديل يدفعهم للالتزام بالاسم الذي يعرفونه حرفياً، كأن يقول المريض “لا السيتامول بيحسسني بدي يونادول الأزرق”.
والمادة التي يمكن أن تسبب الحساسية هي المادة الفعالة نفسها، أي بأخذه للسيتامول أو اليونادول الأزرق سيصيبه ما سيصيبه في حال كان يعاني من حساسية تجاه هذه التركيبة.
رفع الوعي ضرورة وحاجة
وطالب الصيادلة مرات عدة بامتناع الأطباء عن ذكر الأسماء التجارية والاكتفاء بذكر الاسم العلمي في الوصفة مع ترك الحرية للصيدلاني لصرف الدواء المناسب لأي شركة تتوافر لديه أدويتها، وهذا المنهج متّبع في العديد من دول الغرب، ما يسهّل عمل الصيدلاني وينقذه من الاتهامات والمشاحنات مع المرضى.
كما أن رفع الوعي العلمي لدى المرضى بحقيقة هذا الموضوع مهم جداً، تجنباً لإحراج الصيدلاني والتقليل من قيمته العلمية، وليرتاح المريض نفسياً لأن اقتناعه بأن الصيدلاني غيّر له الدواء، سيسبب له آثاراً نفسية تجعل من عدم اقتناعه بالدواء حاجزاً أمام الاستفادة الفعلية منه.