دمشق تواجه نقصاً في الكوادر الإدارية.. الرواتب لا تغطي تكاليف المعيشة

تشهد المؤسسات الحكومية في دمشق صعوبات متزايدة في استقطاب الكفاءات المهنية والإدارية، خصوصاً من مناطق الشمال السوري، نتيجة ضعف الرواتب مقارنة بارتفاع تكاليف المعيشة في العاصمة، وعلى رأسها تكاليف السكن. وتؤكد مصادر حكومية لـ”المدن” أن هذا النقص بات يؤثر بشكل مباشر على سير العمل داخل عدد من الوزارات والإدارات.

تكاليف السكن أبرز العوائق

وتشير المصادر إلى أن العامل الأكثر تأثيراً في عزوف الكوادر عن قبول الوظائف الحكومية هو ارتفاع أسعار الإيجارات في دمشق، والتي وصلت إلى مستويات غير مسبوقة منذ سقوط النظام البائد. وبحسب المعلومات، لا يقل إيجار منزل قديم في ضواحي العاصمة عن 300 دولار شهرياً، بينما يبلغ متوسط راتب الموظف الجديد بعقود حكومية نحو 600 دولار، ما يجعل الانتقال إلى دمشق غير مجدٍ من الناحية الاقتصادية.

وتؤكد الحكومة أنها تعمل على معالجة هذه الإشكالية عبر رفع الرواتب للعاملين الوافدين من المحافظات، أو تخصيص بدلات سكن، خصوصاً لشاغلي المناصب الإدارية العليا.

إدارة عامة مثقلة بالقوانين القديمة

من جانبه، يرى الباحث في مركز “جسور للدراسات” وائل علوان أن الأزمة أعمق من كونها مشكلة أجور فقط، موضحاً أن المؤسسات الحكومية ما زالت تعاني من إرث ثقيل من الترهل الإداري، والفساد، وتراكم القوانين القديمة التي تعيق العمل. ويؤكد أن أي عملية استقطاب للكفاءات لن تكون فعالة “إن لم تُعالج البنية الإدارية والتنظيمية المختلة”.

ويكشف علوان أن الحكومة بدأت بالفعل بإعادة هيكلة الإدارات وتنظيمها قبل توسيع كوادرها، مشدداً على أن المشكلة لا تقتصر على كوادر الشمال التي ترفض الرواتب الحالية، بل تشمل أيضاً الكفاءات الموجودة في دمشق نفسها، والتي تجد صعوبة في العمل ضمن المنظومة البيروقراطية الراهنة.

وبحسب علوان، فإن الحل يكمن في التدريب والشراكة مع منظمات المجتمع المدني لتأهيل العاملين، إضافة إلى تحسين الرواتب، لكنه يشدد على أن “الأمر يتطلب وقتاً وخبرة، في ظل الوضع الاقتصادي الحرج”.

استقطاب محدود لكنه ناجح نسبياً

ورغم الصعوبات، حققت الحكومة نجاحاً نسبياً في استقطاب عدد من الكفاءات القادمة من الشمال، وفق ما تؤكده مصادر مطلعة. فقد استفاد العاملون الجدد من مساكن مجانية كانت مخصصة سابقاً لرجالات النظام السابق إضافة إلى عروض مالية أفضل من رواتب الموظفين القدامى.

ويقول الباحث الاقتصادي أدهم قضيماتي لـ”المدن” إن الحكومة قدمت “عروضاً مغرية” لجذب الخبرات، ونجحت بالفعل في استقدام عدد لا بأس به من الكوادر، لا سيما في الوزارات والمؤسسات الإعلامية. ويؤكد مصدر آخر من دمشق ذلك، مشيراً إلى ما وصفه بـ“هيمنة كفاءات الشمال” على عدد من المؤسسات الحكومية في العاصمة.

لكن المصدر يلفت إلى وجود تفاوت كبير في الرواتب بين الموظفين القدامى والجدد، وهو تفاوت يعتبره “مؤقتاً”، مشيراً إلى أنه “لا بد أن ينتهي مع استقرار الأداء المؤسساتي، لأنه يتجاوز الأطر القانونية”.

اقرأ أيضاً:سورية والسعودية تتفقان على إنشاء محطتي كهرباء بالطاقة المتجددة

حساباتنا: فيسبوك  تلغرام يوتيوب تويتر انستغرام

المزيد ايضا..
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.