حملة تضييق على الدراجات النارية في سوريا.. بين دوافع أمنية والانتقادات
تواصل وزارة الداخلية السورية تعزيز حملاتها الأمنية ضد استخدام الدراجات النارية في المدن السورية، عبر دوريات مكثفة وعمليات حجز واسعة، ما أثار جدلاً واسعاً بين المواطنين، خصوصاً مع الانتشار الكبير للدراجات في الأرياف والمدن الصغيرة، حيث تكاد لا تخلو أسرة من امتلاك دراجة واحدة على الأقل، بحسب ما نقله عدد من أصحاب الدراجات لـ”المدن”.
وشهدت محافظات دمشق وحمص وحلب خلال الأيام الماضية حجز عشرات الدراجات النارية، كما ظهر في تسجيلات رسمية بثتها الجهات المعنية، في مؤشر على جدية الحكومة في تنفيذ قرارات الحظر وسط مطالب شعبية بفرض المزيد من الضبط على هذه الظاهرة.
اختلاف في إجراءات الحظر بين المحافظات
تختلف تفاصيل تطبيق الحظر من محافظة إلى أخرى. ففي دمشق، دعت المحافظة الأهالي إلى الالتزام التام بعدم تشغيل أو قيادة الدراجات النارية داخل المدينة، ملوحة باتخاذ إجراءات تبدأ بحجز الدراجة لمدة شهر وغرامة مالية للمخالفة الأولى، وتصل إلى المصادرة النهائية عند تكرار المخالفة.
أما في حلب، فاقتصر الحظر على الدراجات غير المرخصة، بينما سُمح للدراجات المرخصة بالدخول إلى المدينة من الساعة السادسة صباحاً وحتى الرابعة عصراً. وينص التعميم على حجز الدراجات المرخصة لمدة 30 يوماً، وغير المرخصة لمدة 45 يوماً، مع فك الحجز عن الأخيرة فقط بعد تقديم تعهد لدى الكاتب بالعدل بترخيصها.
مخاطر أمنية ومرورية
مصدر مسؤول في وزارة الداخلية أوضح لـ”المدن” أن تشديد الإجراءات يتركز في المدن التي تعاني ازدحامات مرورية ومخالفات كبيرة، مثل دمشق وحلب وحمص، حيث تستخدم بعض العصابات الدراجات النارية في السرقات، بما فيها كسر نوافذ السيارات والفرار بسرعة مستغلة سهولة التنقل والاختفاء.
وأشار المصدر إلى أن إدارة ملف الدراجات يتم بالتنسيق بين مديريات المرور والنقل وقيادات الشرطة، وأن كل محافظة تتعامل مع القرار وفق طبيعة وضعها الميداني. وتشمل المخالفات التي تستند عليها الحملات: القيادة الرعناء، الضجيج، السرقات، والحوادث.
وأكد المصدر أن القرار “يشمل الجميع بلا استثناء”، مدنيين وعسكريين وأمنيين، وأنه يطال الدراجات المرخصة وغير المرخصة. كما أوضح أن الدراجات المخالفة تُصادر فوراً، بينما تُسوى أوضاع الدراجات النظامية أو العسكرية بعد دفع الغرامة أو استكمال الأوراق، في حين تبقى الدراجات غير المنمرة في الحجز.
وأشار إلى أنه في حال ترافقت المخالفة مع قيادة رعناء أو تجاوزات أخرى، يتم توقيف السائق وتحويله إلى القضاء.
انتقادات شعبية واتهامات بالتعسّف
ورغم تأكيد الحكومة أن الإجراءات تهدف إلى تعزيز الأمن المروري، يرى كثير من المواطنين أن عمليات الحجز “غير عادلة”، خصوصاً في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة وارتفاع تكاليف المواصلات. ويشير أصحاب الدراجات إلى أنهم يعتمدون عليها في التنقل اليومي إلى أعمالهم، معتبرين أنه يجب التفريق بين الاستخدام النهاري للدراجة وبين الممارسات التي يقوم بها بعض الشبان ليلاً من قيادة متهورة وتشفيط وتشويش.
ويشير المواطنون إلى أن الدراجات النارية أصبحت وسيلة النقل الأكثر قدرة على تلبية احتياجاتهم، حيث لا يتجاوز سعر الدراجة المستعملة مليوناً ونصف المليون ليرة، بينما تبدأ أسعار الدراجات الجديدة من 5 ملايين ليرة، مما يجعلها خياراً عملياً وشائعاً، خصوصاً بين الشباب.
اقرأ أيضاً:الوضع الاقتصادي في سوريا 2025: انهيار، تحديات، وفرص إعادة الإعمار