تصاعد العنف ضد النساء في سوريا وسط غياب العدالة وتعدد الجهات المسلحة

تشهد سوريا منذ سقوط نظام بشار الأسد، تصاعدًا مقلقًا في حالات اختطاف النساء والفتيات واغتصابهن وتعنيفهن، في ظل الانفلات الأمني وتعدد الجهات المسلحة على الأرض، خاصة بعد انهيار مؤسسات الدولة الرسمية وتراجع سيطرة النظام في عدة مناطق. وبحسب تقارير موثقة من المرصد السوري لحقوق الإنسان، لم يعد يمر يوم دون تسجيل جرائم عنف جنسي أو اختفاء قسري ضد النساء، في مختلف المحافظات السورية، منها حماة، اللاذقية، إدلب، والرقة.

في أحدث الحالات الموثقة، تم اختطاف امرأة في ريف حماة، تعرضت للاغتصاب والتعنيف، قبل أن يتم التخلي عنها على قارعة الطريق. وفي حادثة أخرى، اختُطفت خمس فتيات من اللاذقية وتم العثور عليهن قرب الحدود اللبنانية، في ظروف صادمة تؤكد تصاعد وتيرة هذه الانتهاكات الخطيرة.

إقرأ أيضاً: العثور على سمر إسماعيل مصابة بكدمات غامضة، وهديل جداري تعود بفيديو يثير الجدل حول اختفائها

غياب المحاسبة وتعطّل دور الدولة يزيد من تفاقم الانتهاكات:

تشير تقارير حقوقية إلى أن الجماعات المسلحة الخارجة عن القانون، ترتكب هذه الجرائم بشكل ممنهج، دون خوف من المحاسبة القانونية أو المساءلة. ويؤكد حقوقيون أن هذه الانتهاكات تتم أحيانًا تحت حماية غير مباشرة من السلطة الانتقالية في سوريا، في ظل استمرار الإفلات من العقاب وغياب قنوات العدالة.

وتُظهر الشهادات أن النساء من مختلف الطوائف والمكونات العرقية هنّ عرضة لهذا العنف، بما في ذلك النساء المنتميات للأقليات، اللواتي يتعرضن لمستويات أعلى من الاستهداف، بما يشبه التطهير العرقي أو العنف الممنهج لأهداف سياسية وطائفية.

المرأة السورية ضحية الصراع السياسي والأمني وغياب الدولة:

في تصريحات خاصة للمرصد السوري لحقوق الإنسان، قالت الناشطة الحقوقية روكن أحمد من مؤتمر ستار، إن العنف ضد النساء في سوريا تجاوز كونه مجرد تبعات للنزاع، وأصبح أداة ممنهجة للسيطرة والهيمنة من قبل فصائل تتقاسم النفوذ في غياب دولة حقيقية. وأشارت إلى أن النساء في سوريا تحولن إلى أهداف رئيسية للعنف الجنسي والسياسي، في ظل تفكك المنظومة الأمنية وغياب العدالة.

واعتبرت أن حالة الفتاة “س. إ.”، التي اختفت قسريًا في الساحل السوري قبل أن تعود بحالة نفسية وجسدية مدمرة، تكشف عن نموذج متكرر لمعاناة آلاف النساء، خاصة من الطائفة العلوية والأقليات الأخرى، ممن يُستهدفن في سياق تصفية حسابات سياسية وطائفية.

المنظمات الحقوقية تواجه تحديات كبيرة وسط تجاهل حكومي وإعلامي:

اتهمت أحمد الدولة السورية بعدم اتخاذ خطوات فعلية لحماية النساء، مؤكدة أن الأجهزة الأمنية والقضائية لا توفر الحد الأدنى من الحماية، وأن صمت الإعلام الرسمي إزاء هذه الانتهاكات يزيد من تفاقم الأزمة. كما دعت إلى استجابة دولية عاجلة، مؤكدة أن ملف النساء يجب أن يكون في صلب أي حل سياسي مستقبلي في سوريا.

وأضافت أن الحل لا يقتصر على الدعم النفسي أو القانوني، بل يتطلب تحولًا هيكليًا يشمل تمكين النساء، إعادة بناء مؤسسات الدولة، وإصلاح النظام القضائي، إلى جانب حملات مجتمعية واسعة لتغيير النظرة السائدة التي تلقي باللوم على الضحايا.

الصحفية مها غزال: الانتهاكات بحق النساء ليست جديدة ولكنها تتفاقم:

من جانبها، شددت الصحفية مها غزال في حديثها مع المرصد، على أن ظاهرة خطف واغتصاب النساء في سوريا ليست وليدة المرحلة الحالية، بل تعود إلى بدايات الحرب قبل أكثر من عقد. وأكدت أن غياب الكوادر الأمنية المؤهلة، وفوضى السلاح، وانتشار الجريمة المنظمة، كلها عوامل ساهمت في خلق بيئة خطرة بشكل خاص على النساء.

وحذّرت غزال من أن استمرار هذه الانتهاكات دون محاسبة، وغياب آليات عدالة انتقالية حقيقية، يُبقي المرأة السورية داخل دائرة الخطر، ويهدد كل محاولات تحقيق السلام والاستقرار في البلاد.

حماية النساء في سوريا ضرورة إنسانية وسياسية عاجلة:

ختامًا، تشدد التقارير الحقوقية على أن حماية النساء في سوريا لم تعد مطلبًا حقوقيًا فقط، بل أصبحت ضرورة سياسية وأمنية لضمان الاستقرار في البلاد. فغياب العدالة واستمرار الإفلات من العقاب يشكلان خطرًا على المجتمع بأكمله، ويؤكدان أن العنف ضد النساء هو نتاج لبنية سياسية وأمنية مختلة، يجب إصلاحها من الجذور.

إقرأ أيضاً: احتجاجات سلمية في اللاذقية بعد اختطاف الطفل محمد قيس حيدر تقابل بالتحريض والتهديد

إقرأ أيضاً: تصاعد العنف الطائفي في حمص: احتجاجات تطالب بالحماية بعد موجة من جرائم القتل

المزيد ايضا..
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.