تحديات تثبيت الزواج والنسب: إجراءات طويلة وتكاليف مرتفعة

يواجه السوريون العائدون من دول اللجوء والاغتراب، خصوصاً من تركيا وبعض الدول العربية، صعوبات كبيرة في تثبيت الزواج وتسجيل نسب الأطفال لدى السلطات السورية. وتشمل هذه التعقيدات إجراءات تصديق الأوراق، والحصول على شهادات الميلاد، وتثبيت الزواج في محاكم الأحوال الشخصية قبل التوجه إلى دوائر النفوس للحصول على القيد العائلي وشهادات القيد للأطفال.

فادي المحمد، المقيم سابقاً في إسطنبول، أوضح أن زوجته عادت مؤخراً إلى سورية وبدأت إجراءات تثبيت الزواج، لكنه لا يزال على الورق عازباً، مشيراً إلى اختلاف كنية الزوجة بين الوثائق التركية والسجلات السورية، ما أعاق تثبيت نسب الأطفال. وقال إن دائرة النفوس التركية أصدرت له وثيقة توضح تفاصيل الزوجة قبل الزواج وبعده، بما يفسر تغيير الكنية، مؤكداً أن هذا الاختلاف تسبب بعقبات إضافية أمام تثبيت الأطفال في سجلات سورية.

أيهم بربور، من ريف اللاذقية، وصف الإجراءات بـ”الروتينية والمعقدة”، مضيفاً أن تثبيت الزواج استلزم حضور شاهد من أهل الزوجة، إضافة إلى دفع رسوم تصديق الأوراق في القنصلية السورية التي بلغت 50 دولاراً لكل ورقة، فضلاً عن ترجمة وتصديق شهادات الولادة. وأشار إلى أن تكاليف إتمام المعاملة عبر محامٍ بلغت حوالي 400 دولار لطفلين فقط.

في ريف دمشق، واجه فارس العبدو صعوبات مماثلة، إذ طلبت منه دائرة النفوس تقديم أوراق تثبيت الزواج من تركيا وشهادات الميلاد مصدقة من السفارة السورية ومترجمة، قبل أن يتمكن من تسجيل أولاده. وأوضح أن التكاليف الإجمالية لتصديق الشهادات فقط بلغت نحو 200 دولار، فيما بلغت كلفة التعامل مع مكتب لإتمام كافة الإجراءات حوالي 500 دولار، شاملة تثبيت الزواج ونسب الأطفال والحصول على القيد العائلي.

ويشير المحامي أيهم السبسبي إلى أن الزواج غير المثبت رسمياً يعتبر “بحكم العدم” أمام القانون السوري، مما يحرم الزوجة والأطفال من حقوقهم الأساسية، بما في ذلك التسجيل في المدارس والحصول على قيود مدنية. ويضيف أن فقدان الوثائق أو عدم الاعتراف بها، إضافة إلى الرسوم القضائية وضرائب الوكالات في السفارات، يزيد من تعقيد الإجراءات وارتفاع تكاليفها، خصوصاً في حال بقاء أحد الزوجين في الخارج.

كما يستغرق تثبيت الزواج والنسب وقتاً طويلاً، إذ تتطلب المحاكم أدلة وشهوداً قد يصعب تأمينها، ما يمدد مدة الدعوى لأشهر وربما سنوات، مع آثار اجتماعية على الأطفال الذين يظلّون بلا قيود مدنية ومدرسية. وتزداد التعقيدات إذا كانت الزوجة في سورية والأب مغترباً، إذ تحتاج الإجراءات إلى وكالة من السفارة السورية برسوم مرتفعة، وهو ما يزيد العبء على العائلات.

ويؤكد السبسبي أن الحلول العملية لهذه القضايا تستدعي تسريع البت فيها عبر تخصيص محاكم أو غرف خاصة، وتخفيف الرسوم القضائية ورسوم الوكالات، أو إعفاء الحالات الإنسانية، ومنح الإدارات المختصة صلاحيات أوسع لتثبيت الزواج والنسب بناءً على الحد الأدنى من الإثبات، بما يضمن حقوق الأطفال ويخفف الروتين على العائلات.

ويشير المحامي إلى أن قضايا تثبيت الزواج والنسب للعائدين من الخارج ليست مجرد إجراءات قانونية، بل تمسّ استقرار الأسرة وحقوق الأطفال، وتتعقد أكثر في حالات الطلاق غير المسجل، أو الزواج والولادات في دول عربية معينة، أو وجود أحد الزوجين خارج سورية لإتمام المعاملات. وأضاف أن وكالة الزوج تكلف عادة نحو 200 دولار، إضافة إلى أتعاب المحامين، ما يعكس تداخل الإجراءات القانونية وتعقيداتها في هذا الملف الحساس.

اقرأ أيضاً:تسهيلاً لعودة المغتربين.. سوريا وتركيا تتفقان على آلية جديدة لعبور السوريين

حساباتنا: فيسبوك  تلغرام يوتيوب تويتر انستغرام

المزيد ايضا..
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.