العودة العكسية في سوريا: صعوبة اندماج تدفع نازحين للرجوع إلى الشمال

تشهد سوريا منذ سقوط النظام السابق ظاهرة “العودة العكسية”، إذ يقرر كثير من النازحين العودة مجددًا إلى مناطق الشمال السوري بعد تجربة العودة إلى مدنهم الأصلية، بسبب صعوبة الاندماج مع المجتمع المحلي وارتفاع تكاليف المعيشة وضعف الخدمات.

غربة في دمشق تدفع للعودة إلى الشمال

يصف عبد المعين كلاس، العائد من عفرين إلى حي الميدان بدمشق، إحساسه بالغربة رغم أنه من أبناء المنطقة، مؤكدًا أنه لم يستطع التأقلم مع التغيرات الاجتماعية والثقافية التي طرأت على الحي خلال السنوات الماضية. لذلك قرر العودة مجددًا مع أسرته إلى عفرين حيث وجد نمط الحياة أقرب إلى ما اعتاده.

الأمر ذاته واجهه حسن الجدي، الذي عاد من حرستا إلى ريف إدلب، مبررًا خياره بالرغبة في الحفاظ على نمط الحياة الديني والاجتماعي الذي اعتادت عليه أسرته في الشمال.

انقسام اجتماعي وثقافي

يرى العائدون أن المجتمع السوري انقسم خلال السنوات الماضية تبعًا لمناطق السيطرة وظروف الحرب، ما أدى إلى اختلاف واضح في العادات والتقاليد بين سكان المدن التي كانت تحت سيطرة النظام السابق وسكان الشمال السوري أو اللاجئين في الخارج.

هذا الاختلاف ولّد صعوبة اندماج متبادلة: فالعائدون من الشمال يوصفون بالتشدد، بينما يرون أن سكان دمشق وبقية المدن الداخلية تبنوا أنماط حياة “غربية” لا تتماشى مع قيمهم.

الغلاء وضعف الخدمات أبرز الدوافع

إلى جانب العوامل الاجتماعية، لعب ارتفاع الأسعار وضعف الخدمات دورًا بارزًا في قرار العودة العكسية.

في دمشق، يصف العائدون الأسعار بأنها “أضعاف” ما كانت عليه في الشمال، خصوصًا بالنسبة للمواد الغذائية الأساسية.

خدمات الكهرباء والمياه والإنترنت تعاني من تقنين شديد وضعف كبير، ما زاد من معاناة الأسر العائدة.

تحديات نفسية واجتماعية

توضح الباحثة الاجتماعية هبة الدرويش لجريدة عنب بلدي أن صعوبة الاندماج بين العائدين وسكان الداخل ترتبط باختلافات ثقافية وتجارب حياتية مختلفة عاشها الطرفان خلال فترة النزاع. وتشير إلى أن بعض العائدين يعانون من شعور بالاغتراب أو التهميش، ما يعيق تفاعلهم الإيجابي مع المجتمع.

حلول مقترحة للاندماج

توصي الدرويش بضرورة تعزيز التواصل الثقافي والاجتماعي بين مختلف مكونات المجتمع السوري، من خلال:

1- برامج توعية ومبادرات من المجتمع المدني.

2- دور فعّال لمؤسسات الدولة في بناء جسور التفاهم.

3- التركيز على المصالح المشتركة وتعزيز التعاون.

وتختتم بالقول: “التفاهم والتكاتف بين السوريين هو السبيل الحقيقي لتحقيق الاندماج والاستقرار الاجتماعي”.

 

إقرأ أيضاً: تقنين الكهرباء في إدلب يعيد إنعاش سوق الطاقة الشمسية

إقرأ أيضاً: حر خانق يهدد حياة النازحين في الشمال السوري: استغاثات من مخيمات إدلب

المزيد ايضا..
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.