زاد أرق “إسرائيل” من فكرة الحرب الشاملة في المنطقة بعد رؤية “مدينة صواريخ” حزب الله تحت الأرض، والتي برزت كرسالة ردع أذهلت “إسرائيل” وجعلتها تبتلع لسانها.
وتؤرق فكرة الحرب الشاملة الكيان الصهيوني على الرغم من ترسانته العسكرية التي دمر بها غزة فهو يريد أن يبطش ويقتل دون أن يتجرأ أحد على الرد مستعيناً بداعميه ويزداد تماديه يوماً بعد يوم.
حتى أن فكرة الحرب الإقليمية تؤرق فكر دول الغرب، وما زاد التوترات زيادة أمريكا لقواتها العسكرية في “الشرق الأوسط”، حيث تخشى من رد إيراني متوقع قد يؤدي إلى المزيد من التصعيد وتوسع الحرب في جميع أنحاء العالم.
ومع تأكيد إيران وحزب الله أن الرد آتٍ لا محالة، تروج معلومات في “إسرائيل” أنه قد لا يحدث إذا تم التوصل إلى اتفاق مع “حماس” على وقف الحرب في غزة في مفاوضات الخميس الذي انصرم، وفي قادمات الأيام.
ومع هذا الوعد والوعيد بالرد يستنفر الاحتلال ويجري ما يسمى الدفاع المدني في سلاح الجو الصهيوني مع الصناعات الأمنية الإسرائيلية، تجارب عسى تقودهم لسبل شتى لاعتراض مسيّرات حزب الله، لكن كل ذلك يذهب سدى، وإلى الآن لم تنجح جهودهم عملياً، بل منيت بفشل ذريع اعترى قبابهم الحديدية التي لم تفلح في اعتراض صواريخ الحزب، ويجري التحقيق داخل الكيان عن هذا الفشل الخطير.
لكن ما أثار الرعب في داخل كيان الاحتلال بشكل مختلف عن أي يوم مضى من عمر الصراع بين المقاومة وجيش الاحتلال، هو الفيديو الذي نشره الإعلام الحربي في حزب الله من “جبالنا خزائننا”، وفيه تحد واضح وكبير لجيش الاحتلال وقدرة كبيرة على ردع إسرائيل، وزيادة الضغط على داعميها، من أجل وقف الحرب الظالمة على غزة.
منشأة “عماد 4″ للقدرات الصاروخية لحزب الله من اليوم فصاعداً أصبحت الكابوس الذي يرزح تحته ليس فقط جيش الاحتلال وقيادته بل جمهور الكيان برمته من مستوطنين خائفين يتدافعون في الشوارع نحو المشافي خوفاً من صواريخ حزب الله التي تحتضنها المنشآت المخفية تحت الأرض كحال ” عماد 4 “.
حزب الله يحارب على جميع الجبهات ولعل حربه الأكثر نجاحاً وتخطيطاً هي حربه النفسية التي قادها بنجاح من داخل نفق ضخم كشف فيها عن منظومة صاروخية متطورة، في رسالة بالغة التحدي إلى “إسرائيل”.
كيان الاحتلال بعد رؤية “مدينة الصواريخ تحت الأرض” ابتلع لسانه، ولم يتنبس ببنت شفة، وساد الصمت في أرجاء الكيان دون أي تعليق رسمي من السياسيين أو العسكريين، فقط بعض الإعلام الصهيوني صرخ عالياً منبهاً من القدرات الصاروخية الهائلة لحزب الله.
منشأة “عماد 4” أذهلت الجميع في كيان الاحتلال لدرجة أن موقع “سروغيم” الإسرائيلي تعجب من هذه القدرات الصاروخية، متسائلاً: هل هو “سلاح يوم القيامة؟”، ونبه إلى أنّ حزب الله ينشر لمحة عن منشآته السرية، وهي جزء من أجزاء أخرى في هرم القدرة العسكرية والصاروخية للحزب اللبناني.
وفي خضم كل ذلك وما يعتري كيان الاحتلال من غرق في الفشل العسكري والاستخباري، وتهاوي قدرات ردعه أمام قدرات المقاومة، ووهن وشلل من الحرب النفسية التي يخوضها الحزب ضد الاحتلال، ينخر لب الكيان الانقسامات الداخلية، بين السياسيين والعسكريين والمستوطنين، ناهيك عن سمعة الكيان المنبوذ عالمياً بفعل جرائمه القبيحة في غزة والتي هزت الرأي العام الرسمي والشعبي حتى في الدول التي تدعم الاحتلال.
“إسرائيل” بكل غطرستها وقسوتها وترسانتها العسكرية الهائلة ودعم الغرب غير المحدود تواجه وضعاً استراتيجياً خطيراً متعدد الأبعاد، فهناك فجوة بين الواقع وتصور الواقع، وبين الجمهور الإسرائيلي ومعظم أعضاء الحكومة والائتلاف، هي فجوة ضخمة وخطيرة للغاية، يعترف بها الاحتلال ومنابره الإعلامية ومنابر الغرب التي تراقب وضع الكيان بكل دقة.
سلوكيات رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو تؤكد بلا ريب أنه يسعى لإشعال حربٍ إقليمية شاملة، يجبر إيران على الدخول فيها، ومواجهة أميركيا التي وصلت إلى نقطة ضعف تاريخي، يحيط بها من كل الجوانب، حتى لو حاولت أن تظهر نفسها بلبوس القوة.
شعور الكيان الإسرائيلي بالغطرسة والإفلات من العقاب، والذي يأتي من حماية الولايات المتحدة والغرب ودعمه لسلوكيات الاحتلال ورغباته في المنطقة، زاد من الفكر التدميري لجيش الاحتلال على الأرض وأوصله لنقطة عمياء فقد من خلالها الاستراتيجيات، ووصل إلى حائط مسدود، وألحق سلوكه الانتقامي قصير النظر ضرراً هائلاً بالفلسطينيين الأبرياء لعقود من الزمان لا يزال يفعل ذلك حتى اليوم، وفرصه في إنهاء المقاومة الفلسطينية ضئيلة جداً، وهذا ما تجسد في الحرب على غزة من قتل للبشر والحجر، وانكسار أمام المقاومة ميدانياً.