بالأرقام “الفاضحة”.. مليارات الدولارات جنتها “قسد” كعوائد لسرقة النفط السوري!
داما بوست | الهام عبيد
اعترفت “قسد” بسرقتها لقرابة 150 ألف برميل يومياً، من حقول النفط السوري التي تسيطر عليها شمال شرقي سورية، بدعم من الاحتلال الأمريكي.
وبحسب تقرير نشرته صحيفة “الشرق الأوسط” بيّن نائب الرئاسة المشتركة للمجلس التنفيذي لما يسمى بــ “الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا” حسن كوجر، أن “إدارته” تبذل جهوداً مضاعفة لتحقيق الاكتفاء الذاتي في مجال الطاقة، بزيادة إنتاجية أعلى من 150 ألف برميل يومياً، مشيراً إلى أن إنتاج النفط قبل عام 2011، كان يبلغ نحو 385 ألف برميل يومياً.
ونفى كوجر وجود أي اتفاق مع الدولة السورية لبيع وشراء النفط الخام، زاعماً أن الآلية تتم فقط عبر بعض التجار المحليين، ممن يشترون المادة بأسعار رمزية ويبيعونه بدورهم إلى الحكومة السورية، بسبب الحصار المفروض عليها.
وادّعى قيادي في “قسد” بأن “إدارته” تريد تقاسماً عادلاً للثروات النفطية بين جميع السوريين، بغض النظر عن مكان وجودهم الجغرافي، وهو ما يستوجب “ضرورة وجود آلية لتشريع بيع وشراء النفط الخام بينها وبين الدولة” على حد قوله، وهنا تلميح إلى استنساخ تجربة العراق في العلاقة ما بين أربيل وبغداد، والتي لا يمكن أن تكون مقبولة في الداخل السوري، على اعتبار أن صاحب الحق الوحيد في الاستفادة من الموارد هي الدولة السورية وهي الأقدر على استثماره وتوزيع موارده.
موارد إنفاق عائدات النفط
وتستغل “قسد” عائدات النفط السوري بصرفها على هياكل “الإدارة الذاتية” والمجالس المحلية التابعة لها، وبحسب تصريح “كوجر” فإنها “تذهب لتغطية نفقات القوات العسكرية والأمنية التي تحمي حدودها، كما تدخل في الموازنة العامة لتقديم الخدمات إلى سكّان المنطقة ودفع أجور العاملين والموظفين”.
وهنا لا بد من الإشارة إلى أن سكان المناطق التي تسيطر عليها “قسد” يعانون من سوء تأمين الخبز والمازوت وجميع المواد المحتكرة، كما يعيشون في واقع مياه وكهرباء سيء، بينما ينتشر الفساد في هيئات “الرقابة والتفتيش والتموين والمحكمة” التابعة للميليشيات، فضلاً عن فرض الضرائب وقوانين “التجنيد القسري”.
وعن سرقتها للنفط السوري، رفض “كوجر كل التهم الموجهة لــ “قسد” بخصوص هذا الموضوع، لافتاً إلى أنها قدّمت لــ “التحالف الدولي” بقيادة واشنطن مقترح مشروع لبناء مصفاة تكرير النفط، والذي يتم اليوم بطرق بدائية، لكنها لم تفلح حتى الآن” على حد تعبيره.
والجدير بالذكر أن “قسد” وقعت مع شركة “دلتا كريسنت انرجي” الأمريكية، اتفاقاً لتطوير حقول النفط، رفضته الدولة السورية باعتباره “سرقة واعتداء” على سيادة البلاد، فيما دافعت عنه واشنطن عبر تصريح سابق للرئيس الأمريكي السابق “دونالد ترامب” عام 2019، عندما أعلن أن بقاء قواته في سورية يهدف لتأمين حقول النفط التي توفر عليه ملايين الدولارات شهرياً.
وتُهرِّب الولايات المتحدة الأمريكية مئات الصهاريج المحملة بالنفط يومياً نحو قواعدها غير الشرعية في العراق، وتستخدم لذلك معابر “الوليد” و”المحمودية” غير الشرعيين، فيما تصدر نسبة من الإنتاج إلى مناطق سيطرة التنظيمات الإرهابية المسلحة في ريف حلب وشمال شرقي سورية.
أهداف السيطرة:
وفي قراءة واضحة للسياسات الأمريكية، يتبين أن الهدف الأساسي من السيطرة على الآبار النفطية تأمين الإيرادات المالية للقوات الأمريكية المتمركزة في سورية والعراق، مع ضمان استمرار توفير الدعم للمجموعات الإرهابية المسلحة سيما “داعش” فضلاً عن تقويض إرادة الدولة السورية في المناطق الشمالية، وتقوية ورقة النفط السوري في أي مساومة مستقبلية معها.
وأغفل “كوجر” عن قصد أو بدون، أن تواصل عملية سرقة النفط، خدمة للمستفيدين “الأمريكيين” من دوائر الفساد في إدارة “بايدن” وقبلها إدارة “ترامب”، والتي تعمل على تمويل نفقات احتلالها من النفط السوري، وناهيكم عن الاستفادة الشخصية لشخصيات نافذة في صلب دوائر الحكم بالولايات المتحدة.
إحصائيات:
وبالنظر إلى تقديرات وزارة النفط فإن إجمالي الخسائر المباشرة وغير المباشرة في القطاع النفطي في سورية، بلغ حوالي 105 مليار دولار منذ بداية الحرب وحتى منتصف العام 2022، فيما بلغت كمية إنتاج النفط خلال النصف الأول من عام 2022 نحو 14.5 مليون برميل بمتوسط إنتاج يومي 80.3 ألف برميل، حسب بيان للوزارة بتاريخ 10/8/2022، جاء فيه أنه يتم تسليم 14.2 ألف برميل منها يومياً إلى المصافي، بينما تسرق قوات الاحتلال الأمريكي ومرتزقتها ما يصل إلى 66 ألف برميل يومياً.
فيما أوضحت وزارة الخارجية أن قيمة الخسائر المباشرة لاعتداءات قوات الاحتلال الأمريكي والميليشيات والكيانات الإرهابية التابعة له، بلغت 25.9 مليار دولار، تتوزع على 19.8 ملياراً خسائر سرقة النفط والغاز والثروات المعدنية، و3.2 مليارات خسائر تخريب وسرقة المنشآت، و2.9 مليار الأضرار الناجمة عن قصف طيران “التحالف الدولي” غير الشرعي لمنشآت النفط والغاز، في حين تجاوزت الخسائر غير المباشرة 86 مليار دولار، وهي تمثل قيمة فوات الإنتاج من النفط الخام والغاز الطبيعي والغاز المنزلي والمشتقات النفطية والثروات المعدنية، نتيجة انخفاض الإنتاج عن المعدلات المخططة في ظروف العمل الطبيعية، وبالتالي فإن إجمالي قيمة خسائر قطاع النفط في سورية بلغ 111.9 مليار دولار، حتى تاريخ 14/12/2022.
وبحسبة بسيطة أجرتها “داما بوست” على الإيرادات النفطية العائدة لــ “قسد” منذ عام 2017، أي منذ سيطرتها على حقل “العمر النفطي” أكبر حقول النفط السورية، وإذا ما افترضنا أنها تنتج 150 ألف برميل يومياً كما قالت يتبين الآتي:
عام 2017 سجل سعر برميل النفط عالمياً حوالي 46 دولار أمريكي، ما يعني أن ثمن 150 ألف برميل كان 6 ملايين و900 ألف دولار في اليوم، و2 مليار و518 مليون و500 ألف دولار سنوياً.
فيما سجل سعر برميل النفط عالمياً أواخر عام 2018 حوالي 75 دولار أمريكي، ما يعني أن ثمن 150 ألف برميل هو 11 مليون و250 ألف دولار يومياً، و4 مليار و106 مليون و250 ألف دولار سنوياً.
وفي عام 2019 سجل سعر برميل النفط عالمياً حوالي 65 دولار أمريكي، ما يعني أن ثمن 150 ألف برميل هو 9 مليون و750 ألف دولار أمريكي يومياً، و3 مليار و558 مليون و750 ألف دولار سنوياً.
وفي عام 2020 بلغت عائدات النفط السوري على قسد 6 مليون دولار يومياً، و 2 مليار و190 مليون سنوياً، بعد أن انخفض سعر برميل النفط إلى 40 دولار أمريكي بسبب فيروس كورونا.
عام 2021 سجل سعر برميل النفط عالمياً 79 دولار أمريكياً وبالتالي فإن سعر 150 ألف برميل على الدولار هو 11 مليون و850 ألف دولار يومياً، أي 4 مليار و325 مليون و250 ألف دولار سنوياً.
وفي عام 2022 ارتفع سعر برميل النفط عالمياً إلى 80 دولار، وبالتالي جنت “قسد” يومياً 12 مليون دولار، و4 مليار و320 مليون دولار سنوياً.
ووصولاً إلى منتصف عام 2023 فقد بلغ سعر برميل النفط حوالي 85 دولار وبالتالي فإن سعر الــ 150 ألف برميل يبلغ 12 مليون و750 ألف دولار يومياً، و4 مليار و653 مليون و750 ألف دولار سنوياً.
وبالتالي تكون “قسد” قد جنت منذ عام 2017 حتى منتصف 2023 حوالي 25 مليار و672 مليون و500 ألف دولار أمريكي، فماذا لو عادت هذه الحقول إلى سيطرة الدولة السورية، وكيف سيكون انعكاس هذه الأرقام على شارع يتخبط اليوم تحت خط الفقر ما لا يقل عن 90% منه، في ظل حصار خارجي متمثل بالعقوبات الاقتصادية أحادية الأجانب، وفي ظل ضعف في الإدارة اقتضى في نهاية الحال إلى تقليص الدعم عن المشتقات النفطية إلى حد الآن ورفع أسعارها بشكل غير مسبوق.