داما بوست – مارينا منصور| لا يزال “الألزهايمر” كالشيفرة التي ليس لها حل من قبل الأطباء والباحثين، فبرغم اكتشاف المرض من أكثر من قرن، إلا أن الأبحاث لم تتوصل حتى اليوم إلى علاجٍ شافٍ له، فما هو هذا المرض؟ وما طبيعته؟ وكيف أحمي نفسي من الإصابة به؟
تابعوا معنا هذا المقال لتعرفوا أكثر.
قصة اكتشاف “الألزهايمر” ومراحله
باختصار هو عبارة عن مرض مزمن يؤدي لتلف في خلايا الدماغ بسن الشيخوخة، أي بعد سن الـ65، وكل 4 ثواني يشخّص أحدهم بـ”الألزهايمر”، فهو يصيب أكثر من 40 مليون شخص حول العالم، ويُعتبر من أكثر الأمراض التي تقود للخرف.
أول من وصف أعراض هذا المرض هو طبيب نفسي ألماني يدعى “ألويس ألزهايمر”، في عام 1901، حين تنبّه إلى أن مريضته تعاني من مشاكل غريبة، منها صعوبة في النوم، واضطراب في الذاكرة، وتغيّر جذري في المزاج، وحالة من الارتباك المتزايد، وبعد وفاتها، استطاع تشريح دماغها، ليتأكد من أن الأعراض التي عانت منها حدثت بسبب اضطرابات في تركيب الدماغ.
فما اكتشفه باستخدام مجهره، هو وجود اختلافات بارزة في أنسجتها الدماغية، في صورة بروتينات مجموعة بشكل سيء تسمى “صفائح وتشابكات ليفية عصبية”، هذه الصفائح والتشابكات تعمل سوياً لكسر تركيبة الدماغ.
وتنشأ هذه الصفائح حين يتجزأ بروتين آخر في الغشاء الدهني المحيط بالخلايا العصبية إلى جزئين عن طريق أنزيم معين، فتنتج بروتينات “أميلويد بيتا”، وهي بروتينات لاصقة تتجمع مع بعضها، ويشكل تجمعها ما نسميه الصفائح.
تعترض هذه التجمعات الإشارات العصبية، وبالتالي الاتصالات بين الخلايا، وتبيّن أنها تؤدي الى ردات فعل مناعية تحطّم الخلايا العصبية التي أصبحت غير فاعلة.
يبدأ الاتحاد المدمر بين الصفائح والتجمعات في منطقة تسمى “الحصين”، المسؤولة عن إنتاج الذاكرة، وهو ما يفسر حدوث فقدان الذاكرة كأولى أعراض المرض عادةً.
وتجتاح البروتينات أجزاءً أخرى من الدماغ محدثةً تغييرات تشير إلى المراحل المختلفة من المرض:
في الجزء الأمامي للدماغ تدمر البروتينات القدرة على إنتاج أفكار منطقية، ثم تنتقل نحو المنطقة التي تتحكم بالمشاعر محدثة تغييرات غير منتظمة بالمزاج.
في الجزء العلوي من الدماغ تُحدث هذه البروتينات جنون الارتياب والهلوسة.
في مؤخرة الدماغ تعمل الصفائح والتشابكات سويةً لمحو الذكريات العميقة.
وفي النهاية تسقط المراكز المتحكمة بالقلب والتنفس، ما يؤدي للموت.
أعراض “الألزهايمر” وتشخيصه
لا تزال الأسباب المباشرة للألزهايمر غير معروفة، لكن هناك عوامل تزيد خطر الإصابة به، كالعوامل الوراثية والعمر المتقدم، وبعض العوامل التي يمكن السيطرة عليها، مثل ارتفاع ضغط الدم – السكري -البدانة – التدخين – إصابات الرأس والاكتئاب.
تتطور الأعراض بشكل بطيء وتدريجي، فتبدأ بمشاكل في الذاكرة ونسيان الأحداث القريبة، ثم تتطور إلى مشاكل لغوية، وضياع بالأماكن، ونسيان للأشخاص، وتقلبات مزاجية، وبمراحل متقدمة يحتاج المريض إلى الاعتماد الكامل على الغير لإتمام الوظائف الحياتية.
وبالنسبة للتشخيص، فيعتمد على معايير معينة، أهمها تأثير مشاكل الذاكرة على الحياة اليومية للمريض، بعكس مشاكل الذاكرة المرتبطة بالشيخوخة الطبيعية، كما يجب التأكد من غياب أسباب أخرى تفسّر الأعراض، ثم يُجري المريض الفحوصات الضرورية للتشخيص، والتي تبدأ بفحص سريري لدى الطبيب، وإجراء اختبارات ذهنية ونفسية خاصة للاكتئاب، بالإضافة إلى فحوص للدم وصورة للرأس.
علاج المرض
الطبيعة المدمرة للألزهايمر حثت باحثين كثيرين على البحث عن علاج، ولم يجدوا علاجاً شافياً، لكنهم حالياً يركزون على إبطاء تطوره، فالأدوية المتوفرة قد تبطئ تطور المرض بالحد من هبوط مستوى الناقل العصبي “الأستيل كولين”، الذي يتراجع مستواه في دماغ المريض بسبب موت الخلايا العصبية التي تنتجه.
كما وجد الباحثون حلّاً آخر، يكمن في لقاح يؤدي إلى تحفيز الدفاعات المناعية لتهاجم “الصفائح والأميلويد بيتا” قبل أن تشكلا تجمعات.
وإن عناية المحيط تساهم في التخفيف من المرض، ويمكن تناول أطعمة تقوي الذاكرة، مثل:
المكسرات النيئة.
التوت، لحماية الدماغ من الأمراض.
السلمون، للحفاظ على وظائف الدماغ وتنشيط الذاكرة.
زيت الزيتون، لمنح حماية ضد التدهور المعرفي.
الأفوكادو، لدعم بنية الدماغ وتدفق الدم.
الكركم، للتخفيف من الأميلويد بيتا.
البروكلي، لإبطاء تراجع الذاكرة المرتبط بتقدم العمر.
ويمكن الوقاية من المرض بممارسة الرياضة، واتباع نظام غذائي صحي، وتنظيم النوم، وممارسة نشاطات اجتماعية وفكرية، وعلاج عوامل الخطر.