منها سكبة من “الانترنت”.. السوريون يبتكرون عادات جديدة لمتابعة المسلسلات في رمضان

داما بوست – كلير عكاوي| يبدو أن واقع بعض العائلات السورية يجسّد مشاهداً مضحكة في حياتها اليومية التي تغنيها عن متابعة المسلسلات الكوميدية شبه المعدومة، وسط تقنين جائر منعها من تشغيل مايسمّى بالتلفزيون في شهر رمضان المبارك.
وواجه المتقاعد “حسّان” (70 عاماً) متاعباً كثيرة في محاولة منه لتشغيل التلفزيون في نصف ساعة التغذية التي ينعم بها، ليسعد زوجته “فريال” بمتابعة إحدى المسلسلات الرمضانية، إلا أنّه فشل في تحقيق هذه الأمنية، بقوله: “حياتنا صايرة بضّحك”.
وأضاف العم الذي تبدو عليه ملامح العتب لـ”داما بوست”: “مافي داعي يعملولنا سلسلة مثل مسلسلات خمس نجوم على الشاشات.. لأننا نشاهد بيوميّاتنا نجوم الظهر، مع دفع فواتير الكهرباء التي تزورنا كل صدفة مرّة”.
وتحسّرت الزوجة فريال (65 عاماً) على واقع حالها في رمضان هذا العام، قائلة لـ”داما بوست”: “لم تعد البطارية في منزلنا تخدمنا سوى نصف ساعة، بالوقت الذي لا يستطيع فيه زوجي شراء واحدة جديدة بمليوني ليرة سورية، فألتغت المسلسلات تلقائياً من  قاموس حياتنا”.
وليس بالأمر السهل إلغاء متابعة المواطن السوري للمسلسلات في رمضان، لأنّها تعتبر جزءاً من تقاليد الشهر الفضيل منذ زمن بعيد، إلا أن التقنين وصل إلى 23 ساعة يومياً مع “قطش ولحش” خلال ساعة التغذية في بعض المناطق التي أجبرت الصائمين على تعلّم ثقافة التخلّي عن المسلسلات، بحسب تعبيرهم.

عالوعد يا “مواطن”!

يشعر الموظّف بلال (40 عاماً) بالملل من الوعود المتكررة بتحسين الكهرباء التي تهلهل قبل حلول رمضان المبارك، ساخراً من الأخبار المتداولة التي اعتاد سماعها في كل مرّة، بقوله ل “داما بوست”: عالوعد يامواطن!”.
ولجأ هذا الموظّف الذي يسعى جاهداً للحصول على مليون ليرة سورية شهرياً خلال عمله في ثلاثة أشغال متنوّعة لأكثر من 15 ساعة يومياّ، إلى اعتماده على باقات الانترنت ليرفّه عائلته بمتابعة إحدى مسلسلات رمضان أثناء عودته إلى المنزل”.
وكان حاله على عكس والد الطالبة مرام (20 عاماً) الذي لجأ إلى إلغاء الإنترنت من المنزل تماماً بعد ارتفاع أسعار باقاته بالفترة الأخيرة إلى الضعف، قائلة لـ “داما بوست”: “نحن محرومون من ضوء اللمبة بالبيت ومن ضوء راوتر الإنترنت”.
وربما يحتاج المواطن إلى هطول الأموال على رأسه، لكي يفعّل باقات انترنت صالحة لمتابعة المسلسلات، أما أزمة الكهرباء في سوريا فتحتاج إلى معجزة إلهية كي ينعم الصائم بأوقات ترفيهية خلال شهر رمضان الكريم، بحسب وصفهم.

سكبة رمضان صارت “انترنت”

تحوّلت عادات وتقاليد بعض الأسر السورية التي كانت تحرص على تحضير الأطباق التقليدية وتقديم السكب الرمضانية مثل الفتّة والمحاشي والكبب، إلى تقديم أخرى عصرية من الانترنت، تتجلّى بباقات يومية أو شهرية أو كلمة مرور على الشبكة المنزلية لمتابعة مسلسلهم المفضل.
الأمر الذي عبّر عنه العامل بديع (30 عاماً) لـ”داما بوست”، بقوله: “كانت هناك عادة قديمة لدى السوريين في رمضان تتمثّل في توزيع الإفطار على المحتاجين والفقراء، من باب الخير والبركة، إلى أن استُبدل عدد منها بإهداء باقات الإنترنت للأحبّاء، والاستمتاع بمشاهدة المسلسلات”.
واعتاد المواطن الابتكار من العدم في تأمين كل حاجاته ورغباته عبر إيجاد الحلول البديلة من أجل التمتّع في هذه الحياة التي فرضت عليه أحمالاً ثقيلة، إلا أنه يسعى مراراً وتكراراً من أجل البقاء.

المشاهدة مقابل “بزر ومتّة”.. ومن القلّة مالها علّة!

في ظل هذه التحديات، عبّر العديد من المواطنين لـ “داما بوست” عن انزعاجهم واستيائهم من عدم قدرتهم على متابعة المسلسلات في رمضان، مطالبين الجهات المعنية بساعتين تغذية كاملة للترفيه خلال ساعات صيامهم والتمتّع مع عائلاتهم بعد الإفطار.
وقالت المهندسة “روان” لـ”داما بوست”: “عدنا لزيارة الأقارب بعد الإفطار وخاصة اللذين يملكون طاقة بديلة، لكي نتابع المسلسلات الرمضانية، على مبدأ من القلّة مالها علّة”.
ووصل الدكنجي “رائد” (50 عاماً) إلى السقف في التحمّل والصبر، وباتت آماله هو وعائلته بمتابعة مسلسل واحدٍ فقط أشبه بالمستحيل بعد انعدام الكهرباء في منزله، واقتصار البطارية على إضاءة الليدات.
وقال ابنه محمد (22 عاماً) الذي يعمل في صالة أفراح لـ”داما بوست”: “يعزمني صديقي على مشاهدة مسلسل واحد في رمضان مقابل أن أجلب الضيافات، وما تستلزمه الجلسة من متّة وبزورات، وكأنّي استأجر ساعة مشاهدة في منزله الذي ينعم ببطارية جديدة على عاتقي الشخصي”.
وينعم كثيرون بساعات كهربائية لا بأس بها دون أي انقطاع على مبدأ “لا مين شاف ولا مين دري”، وسط حجج الخطوط الكهربائية الذهبية، أو المناطق “المُشعشعة” التي تتباهى بالريشة الموضوعة على رأسها، بحسب ما وصف “محمد”.
وتعود هذه الأيام بالمواطن إلى استذكار الزمن الجميل خلال عرض مسلسل “كساندرا المكسيكي”، الذي جمع كل أفراد العائلة بمنزل واحد يحظى بفرصة المشاهدة، مع الكثير من الأمنيات الراكضة في ذهنه بالعودة إلى الماضي المليء بالراحة أو لربما بالفرح والسكينة.

 

تابعونا على فيسبوك تلغرام تويتر

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

آخر الأخبار
وزير التجارة ‏الداخلية: مخزون القمح يكفي لأكثر من ‏عام.. التشدد باتخاذ أقصى العقوبات ‏للمحتكرين استقرار سعر غرام الذهب في السوق المحلي استقرار أسعار النفط قبل اجتماع "أوبك+" من واشنطن.. الملك عبدالله الثاني يؤكد رفضه كل ما يهدد أمن واستقرار سوريا ريال مدريد يتكبد الهزيمة الثانية في الليغا الحرارة حول معدلاتها وأمطار محلية خفيفة متوقعة على بعض المناطق أبرز المباريات العربية والعالمية اليوم الخميس في اليوم الـ426 للعدوان.. حملة اعتقالات واسعة تطال نابلس ليفربول يتعثر أمام نيوكاسل.. والسيتي يستعيد ذاكرة الانتصارات وزير الخارجية المصري يؤكد في محادثات مع نظيريه الإيراني والأميركي وقوف بلاده إلى جانب سوريا كوريا الديمقراطية تؤكد دعمها وتضامنها الكاملين مع سوريا تونس تندد بالهجمات الإرهابية شمال سوريا بضغط عشائري.. "قسد" تسمح للوافدين العرب بالدخول لمناطقها مصدر في وزارة الكهرباء يبين الوضع الكهربائي في محافظة حلب بعد دخول الإرهابيين إليها وزير الخارجية لـ قائد قوة الأمم المتحدة بالجولان: نرفض الإجراءات غير القانونية للاحتلال المالكي يدعو للوقوف مع سوريا بوجه الإرهاب: سقوطها يعني استباحة المنطقة بأكملها "السادة المعامرة الأشراف" بالحسكة: الالتفاف حول الجيش في حربه ضد المجاميع الإرهابية مجلس الشعب يقر مشروع قانون موازنة 2025 قوائم لاهاي السوداء وشبح الاعتقال يطاردان جنود الاحتلال وقادتهم عضو المكتب التنفيذي بريف دمشق لداما بوست: حوالي 40 ألف وافد من حلب وحماة السـورية للطيران: معالجة كافة تذاكر سفر الوافدين من محافظة حلب بكل مرونة مدير النقل الطرقي يتحدث لـ "داما بوست" عن الاجراءات التي تم اتخاذها فيما يتعلق بنقل حلب عشائر دير الزور برسالة للتحالف الأميركي: لسنا تنظيم "داعش".. وسنتعامل مع أي معتد مصدر في وزارة التموين لـ "داما بوست": المخابز تعمل بكامل طاقتها في جميع المناطق دون الحاجة لأوراق ثبوتية.. التربية والتعليم العالي: يمكن للطلبة الوافدين من حلب الالتحاق بالمدارس وا...