ظهور حازم الشرع يفتح باب التساؤلات: نفوذ عائلي متصاعد وسخط شعبي متنامٍ
أثار الظهور العلني لـ حازم الشرع، شقيق الرئيس السوري الانتقالي أحمد الشرع، داخل طائرة متجهة إلى السعودية برفقة مدير عام صندوق التنمية السوري صفوت رسلان ومدير هيئة الاستثمار طلال الهلالي، موجة واسعة من التساؤلات حول الصفة الرسمية التي يشغلها، وحدود نفوذه المتزايد داخل مفاصل السلطة، في ظل غياب إعلان رسمي واضح عن تعيينه.
ورغم عدم صدور أي قرار حكومي معلن، كشف منشور لصفحة رابطة رجال الأعمال القطريين على فيسبوك أن حازم الشرع يشغل منصب نائب رئيس المجلس الأعلى للتنمية الاقتصادية، وهو مجلس يترأسه الرئيس الانتقالي بنفسه بموجب المرسوم 115 الصادر في حزيران الماضي، ويضم ثمانية وزراء، ما يعزز فرضية الدور المحوري الذي يلعبه شقيق الرئيس في رسم السياسات الاقتصادية.
نفوذ اقتصادي واسع خلف الكواليس:
تزامن ذلك مع تقرير لوكالة رويترز في تموز الماضي، أشار إلى أن حازم الشرع، بصفته الشقيق الأكبر للرئيس، يشرف على إعادة هيكلة الاقتصاد السوري عبر لجنة ترأسها إبراهيم سكرية المعروف بـ”أبو مريم الأسترالي”، والتي استحوذت على حصص شركات وصادرت أموالاً نقدية قُدرت بما لا يقل عن 1.5 مليار دولار من رجال أعمال مرتبطين بالنظام السابق.
كما أفادت رويترز بأن الصندوق السيادي السوري، الذي أُحدث بمرسوم رئاسي في 9 تموز بهدف تنفيذ مشاريع تنموية واستثمار الموارد، سيكون خاضعاً لإشراف حازم الشرع، في حين جرى تعيين صفوت رسلان، أحد المقربين منه، مديراً لصندوق التنمية. وأكدت الوكالة أن حازم الشرع و”أبو مريم الأسترالي” كانا وراء التعديلات النهائية لقانون الاستثمار.
مخاوف من إعادة إنتاج “حكم العائلة”:
هذا التوسع في نفوذ أشقاء الرئيس أثار مخاوف شعبية وسياسية من العودة إلى نموذج “حكم العائلة”، خصوصاً بعد تعيين شقيقه الآخر ماهر الشرع أميناً عاماً لرئاسة الجمهورية، وقيامه بإدارة اجتماعات وزارية في مشهد اعتبره كثيرون تجاوزاً لمنصبه، في ظل إلغاء منصب رئيس الوزراء بموجب الإعلان الدستوري.
ويرى منتقدون أن توزيع المناصب الحساسة على أفراد العائلة يعيد إلى الأذهان ممارسات النظام السابق، ويقوض الوعود ببناء دولة مؤسسات قائمة على الشفافية والمساءلة.
تصريحات عن الرواتب تشعل الغضب:
في سياق متصل، أثارت تصريحات لحازم الشرع خلال لقاء مع النخبة السورية في المنطقة الشرقية بالسعودية سخطاً واسعاً، بعدما تحدث عن “إنجازات” حكومية شملت رفع رواتب الموظفين والقضاة من 90 دولاراً إلى 1600 دولار، وزيادة رواتب المعلمين من 29 دولاراً إلى 450 دولاراً.
وسرعان ما قوبلت هذه التصريحات بحالة غضب عارمة على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث تساءل سوريون عن واقعية هذه الأرقام، في وقت خرج فيه عشرات آلاف الموظفين من وظائفهم، مؤكدين أن أي زيادات محدودة جاءت نتيجة منح قطرية–سعودية مؤقتة، لا سياسة حكومية مستدامة.
وكتب مواطنون معلقين:
“السكوت أحلى من هالحكي… الواقع مختلف تماماً”.
“رواتب فوق الألف بس لجماعة السلطة، والباقي تحت الـ200 دولار”.
“إذا الرواتب 500 دولار ليش المعلمين مضربين؟”.
الإضرابات تكذب الأرقام:
بالتوازي مع هذه التصريحات، يواصل معلمو منبج وريفها في ريف حلب إضرابهم عن التدريس لليوم الرابع على التوالي، منذ 13 كانون الأول، مطالبين بتحسين أوضاعهم المعيشية. ويؤكد المعلمون أن رواتبهم لا تتجاوز 120–150 دولاراً شهرياً، في ظل ارتفاع حاد بتكاليف المعيشة.
كما شهد الشمال السوري إضراباً واسعاً للمعلمين مطلع تشرين الثاني الماضي، في خطوة غير مسبوقة تعكس حجم الانهيار الاقتصادي، مع مطالب شملت التثبيت الوظيفي، إعادة المفصولين، ورفع الرواتب بما يتناسب مع الواقع المعيشي.
فجوة متسعة بين الخطاب والواقع:
يرى مراقبون أن التناقض الصارخ بين الخطاب الرسمي حول “الإنجازات الاقتصادية” والواقع المعيشي القاسي، إلى جانب تصاعد نفوذ عائلة الرئيس في مواقع القرار، يهدد بتوسيع فجوة الثقة بين السلطة والمجتمع، ويغذي حالة السخط الشعبي المتنامي، في وقت تحتاج فيه البلاد إلى سياسات شفافة وعادلة، لا إلى إعادة إنتاج أنماط الحكم التي ثار السوريون عليها.
إقرأ أيضاً: إيكاردا والغرامات المالية في قبضة الشيباني.. القانون السوري في مهبالهيئة السياسية
إقرأ أيضاً: لوفيغارو: الشرع يفرض سلطة استبدادية في سوريا.. حكم فردي بدعم أمريكي