حسياء الصناعية.. موقع استراتيجي يجذب الاستثمارات
تقع مدينة حسياء الصناعية في وسط سوريا على الطريق الدولي بين دمشق وحمص، وهو أحد أهم المحاور التجارية في البلاد. ويمنحها هذا الموقع دوراً استراتيجياً في حركة النقل والتجارة، حيث تشكل نقطة وصل رئيسية بين الأسواق المحلية والإقليمية، ما جعلها وجهة مفضلة للمستثمرين.
مركز صناعي متنوع
منذ تأسيسها، برزت حسياء كمدينة صناعية متكاملة تضم قطاعات متعددة، من الصناعات النسيجية والغذائية إلى الهندسية والكيميائية، ما ساهم في خلق بيئة إنتاجية متوازنة قادرة على التكيف مع تقلبات السوق. ويؤكد القائمون على إدارتها أن تكامل القطاعات داخلها يتيح إقامة شراكات بين المصانع وتخفيض التكاليف وتحقيق وفورات اقتصادية.
مدير المدينة الصناعية، طلال زعيب، أوضح أن الإدارة تواصل العمل على تطوير البنية التحتية والخدمات، من ترحيل النفايات وتأهيل المكب المؤقت جنوب شرقي المدينة، إلى تحسين الطرق وتنفيذ أعمال النظافة، إضافة إلى متابعة دقيقة للشؤون المالية والاستثمارية. وبلغ عدد المستثمرين الذين قدموا برامج زمنية لاستكمال البناء 202 مستثمراً، فيما صدرت 29 رخصة بناء جديدة خلال الفترة الأخيرة.
توسع في الاستثمار
بحسب إدارة المدينة، تبلغ مساحة حسياء حالياً 2500 هكتار، مع خطة للتوسع لتصل إلى 10 آلاف هكتار. وتشير البيانات إلى أن المدينة استقبلت نحو 150 طلباً لإنشاء شركات جديدة على مساحة تتجاوز مليوناً ونصف مليون متر مربع، إلى جانب مشروع لإقامة مدينة متخصصة بالصناعات الرخامية على مساحة 14 مليون متر مربع.
ويبلغ عدد المستثمرين المسجلين في المدينة أكثر من ألف مستثمر يعملون في مجالات متعددة، فيما تنفذ حالياً 508 مقاسم حرفية تشمل صناعات هندسية ونسيجية وغذائية، إضافة إلى تخصيص 353 مقسماً جديداً. كما شهدت المدينة خلال الأشهر الماضية زيارات لوفود من شركات محلية وعربية وأجنبية بحثت فرص الاستثمار فيها.
نشاط صناعي متزايد
مديرية صناعة حسياء منحت منذ بداية العام 46 قراراً صناعياً جديداً، شملت تراخيص وتمديدات وتوسيع نشاطات صناعية. كما تم تسجيل شركتين جديدتين في مجالي صناعة الكحول الغذائي وطحن الحبوب. وإلى جانب ذلك، صدقت المديرية على ما يقارب 5000 شهادة منشأ خاصة بالدراجات النارية، ما يعكس حجم النشاط الصناعي المتنامي.
ولتشجيع الاستثمار، تمت الموافقة على إعفاء 25 طلباً لاستيراد آلات وخطوط إنتاج من الرسوم الجمركية، في خطوة تهدف إلى تعزيز القدرة التنافسية للمصانع. وفي تموز الماضي، صدّرت المدينة أول شحنة من منتجاتها إلى الولايات المتحدة عبر ميناء اللاذقية، تضمنت 100 طن من الصناعات البلاستيكية.
بيئة جاذبة للمستثمرين
يؤكد عدد من رجال الأعمال العاملين في حسياء أن المدينة وفرت بيئة ملائمة للاستثمار، من حيث سهولة التراخيص وسرعة البدء بالإنتاج، إضافة إلى موقعها الجغرافي الذي يسهّل الوصول إلى مختلف المحافظات السورية. كما يرون أن التوسع في الاستثمارات سيساهم في توفير آلاف فرص العمل وزيادة الطلب على الخدمات والسكن في المنطقة.
أبعاد اقتصادية واجتماعية
الباحث الاقتصادي عبد العظيم المغربل اعتبر أن موقع حسياء على الطريق الدولي M5 بين دمشق وحمص يمنحها ميزة لوجستية مهمة مقارنة بمناطق صناعية أخرى مثل عدرا أو الشيخ نجار في حلب، حيث يختصر الوقت والكلفة للوصول إلى المرافئ والأسواق.
وأشار إلى أن تنوع القطاعات في المدينة يقلل من تقلبات العوائد الاقتصادية، كما أن وجود مصانع كبيرة يوفر مدخلات محلية للصناعات الأخرى ويخفف الاعتماد على الاستيراد. لكنه لفت في الوقت نفسه إلى أن استمرار التوسع سيزيد الضغط على البنية التحتية والطاقة، ما يتطلب استثمارات موازية لضمان استدامة النمو الصناعي.