اعتقال الصحفي التركي “باريش بهليفان” يفتح ملف أنقرة الأسود في قمع الحريات

أبلغت وزارة العدل التركية، الصحفي الاستقصائي “باريش بهليفان” بوجوب عودته إلى سجن “سيليفري” الكائن في ضواحي اسطنبول، للمرة الخامسة خلال ثلاث سنوات.

وأرسلت الوزارة رسالة نصية لــ “بهليفان” في الثاني من شهر آب/ أغسطس، بضرورة تسليم نفسه أمس الثلاثاء، على خلفيه كتابه “أس أس” الذي اتهم فيه وزير الداخلية السابق “سليمان صويلو” بالارتباط بالجريمة المنظمة.

ودخل الصحفي الاستقصائي السجن لقضاء ثمانية أشهر من عقوبة الحكم الصادر في العام 2020، بحجة خرق قوانين الاستخبارات الوطنية للبلاد.

وفي تصريح له قبل دخوله السجن قال “باريش” إن “الناس يذهبون إلى السجن في تركيا، لمجرد كتابة الحقيقة ولمجرد ممارستهم العمل الصحفي” واصفاً عقوبته بأنها “قطرة في محيط، في هذه المعركة الكبرى”.

وتابع عبر تغريدة له على “إكس”.. “لم أقتل ولم أغتصب أي شخص، لم أَبِع أي مخدرات أبداً”.

بدوره توقع محامي الصحفي “حسين إرسوز” في تصريح لوكالة “فرانس برس” بإطلاق سراح مشروط لــ”بهليفان” قائلاً.. إن قراراً بهذا الصدد يمكن أن يتخذ في أي وقت”.

وفي هذا الصدد نددت 19 منظمة دولية لحقوق الإنسان وحرية الإعلام المضايقات القضائية المتكررة لــ “بهليفان” معتبرة أنه يمارس حقه الأساسي في حرية التعبير كصحافي.

فيما دعت مجموعات حرية الصحافة، بما في ذلك “مراسلون بلا حدود” في رسالة مفتوحة إلى الحكومة التركية، إلى التراجع عن قرار إعادة سجن بهليفان، وإنهاء المضايقات القضائية المنهجية ضده وضد الصحافيين الآخرين.

وفي سجل الصحفي التركي “باريش بهليفان” عشرات الدعاوى القضائية ضده، أبرزها من الرئيس التركي “رجب طيب أردوغان” والداعية الإسلامي التركي “فتح الله غولن”.

وفي عام 2007 ركز برنامج “أوراديم” على فيلم وثائقي من إنتاج “بهليفان” تناول أحداث 12 سبتمبر عام 1980 في سجن “ديار بكر” ما أدى إلى اتهامه بإثارة الفتنة العامة، وخضع للمحاكمة إلى حين تبرئته عام 2008.

واعتقل الصحفي في 14 فبراير 2011، بعد تفتيش منزله ومكان عمله في صحيفة “أودا تي في” على خلفية اتهامه بالانتماء إلى منظمة “إرغينكون” ولم يخضع للتحقيق والمحاكمة إلا بعد مرور أكثر من تسعة أشهر، ليتم الإفراج عنه بعد تقرير قضائي يؤكد تزوير الأدلة المقدمة ضده.

وفي عام 2017، برأت المحكمة الجنائية العليا الثامنة عشرة جميع المتهمين بقضية “أودا تي في” وعددهم 13، فيما قضت برفع شكوى جنائية ضد مدبري المؤامرة ممن تسللوا إلى الدولة من أعضاء منظمة “غولن”.

أما في عام 2021، سجن “بهليفان” وستة صحافيين آخرين لمدة ثلاث سنوات وتسعة أشهر، بتهمة كشف أسرار الدولة بعد تغطية جنازة عضو في المخابرات التركية كان يعمل في ليبيا، رغم أن السلطات التركية لم تنكر وفاته أبداً، وأطلق سراحه ليعود إلى السجن لمدة يوم بعد فتح قضايا عدة ضده.

وعمل “بهليفان” كمحرر سابق في محطة “أودا تي في” التلفزيونية وكاتب في صحيفة “جمهورييت” وحصل على أهم جوائز الصحافة في تركيا، فيما شارك في تأليف ثلاثة كتب تحقيق ظلت في قائمة أفضل الكتب مبيعاً لفترة طويلة.

ويشكل “باريش بهليفان” نموذجاً واضحاً على “حرية” الصحافة في تركيا، وبالأرقام فإن أكثر من 90% من وسائل الإعلام التركية يسيطر عليها مستثمرون مقربون من دوائر السلطة، وبحسب إحصائيات لمنظمة “مراسلون بلا حدود” نشرتها عام 2021، تم حبس 200 صحفي ومعاون إعلامي في تركيا، 13 منهم لا يزالون قابعين خلف القضبان.

ووصلت أقسى عقوبات سلب الحرية، إلى السجن لمدة 27 سنة و6 أشهر، صدرت بحق الصحفي “جان دوندار” بتهمة “التجسس ودعم منظمة إرهابية”.

فيما أصدر 63 حُكماً بتهمة “إهانة الرئيس” منذ تسلَم “رجب طيب أردوغان” عام 2014، فيما اضطر ما لا يقل عن 160 منبراً إعلامياً تركياً إلى التوقف عن العمل.

واحتلت تركيا المرتبة 154 من أصل 180 بلداً، بحسب جدول التصنيف العالمي لحرية الصحافة الذي نشرته “مراسلون بلا حدود” في 2020.