“دخيلكم ردولي بنتي”.. صرخات أمهات المفقودات في حمص وطرطوس تكسر جدار الصمت
في بلد أثقلته المآسي، تخرج صرخات الأمهات لتدوي في وجه الغياب، باحثات عن بناتهنّ اللواتي اختفين دون أثر، في مشهد يعكس حجم الفقد، ومرارة الصمت.
“أنا أمها دخيلكم”، تصرخ والدة الشابة جهينة عبد الكريم، التي اختفت مع طفلتها سيلينا النقري (7 سنوات) في حمص، قبل أيام قليلة. صرخة تمزج بين رجاء ويأس، ودموعها لا تجد مفرًا إلا الانحباس، بينما تناشد:
“بنتي راحت تشتغل لتعيش، ما راحت لا تضرب ولا تقاتل، دخيلكم بس ردولي سيلينا وأمها”.
وفي طرطوس، ترفع والدة عتاب سليم جديد صوتها هي الأخرى، تناشد أهل الخير والقلوب الرحيمة، علّ أحدًا يعيد إليها ابنتها الغائبة، التي اختفت هي الأخرى في ظروف غامضة.
15 دولارًا.. كانت الثمن
بحسب منشور للصحفية هزار الحرك، رئيسة قسم البودكاست في “العربي الجديد”، فإن جهينة، وهي خريجة كلية التربية، كانت في طريقها إلى شركة صرافة لقبض حوالة بقيمة 15 دولارًا لقاء عملها عبر الإنترنت. اتصلت بواحد من أقاربها للسؤال عن العنوان، ثم اختفى صوتها إلى الأبد.
لا دوافع للهروب
منزل جهينة يقع في حي الأرمن بحمص. زوجها، في اتصال مع “الحرك”، أكد أن لا شيء يدل على مغادرتها الطوعية؛ لم تأخذ أغراضها، ولا يوجد خلافات عائلية.
وشقيقتها فاطمة، التي تكبرها بست سنوات، شددت على أنه لا سبب يدفع جهينة للهروب، فهي كانت أقرب الناس إليها، وكانت ستعلم بأي أمر استثنائي لو كان موجودًا.
العائلة أبلغت الجهات المعنية، لكن النتيجة: لا شيء.
صمت قاتل.. ومصير مجهول
تختتم “الحرك” منشورها بمرارة:
“هاي البنوتة وأمها، ما حدا بيعرف بإيدين مين، أو أي مصير لاقوه. اختفاء الأطفال والنساء لازم يوقف. مئات آلاف السوريين عانوا ولساتهم عم يعانوا من غياب أحبّتهم”
ومنذ سقوط النظام كثير من النساء يعشن يومياً تحت ظل القلق، سواء بسبب أحداث واقعية كانتشار حالات الخطف أو مجرد شائعات، أو مضايقات، أو ابتزازات، خصوصاً في المناطق غير المستقرة أمنياً، هذه القصص تتكرر، ولكنها تبقى في كثير من الأحيان دون تحقيقات واضحة، وتبقى الأمهات يفتشن عن بصيص أمل في دهاليز مواقع التواصل الاجتماعي.
اقرأ أيضاً: نعيش بين “ضفتين”: نساء سوريات في مواجهة واقع ما بعد السقوط
حساباتنا: فيسبوك تلغرام يوتيوب