كشف محافظ حلب حسين دياب عن ملف فساد وسرقة للمال العام بمئات المليارات من استجرار الغاز الصناعي.
وبحسب صحيفة “الوطن”، بيّن دياب أنه نتيجة متابعة عضو المكتب التنفيذي المختص في المحافظة، والرقابة الداخلية، والشكاوي الواردة من صناعيين وحرفيين حول نقص عدد أسطوانات الغاز الصناعي الموزع في حلب، تم تشكيل خمس فرق فنية وقانونية في نهاية شهر كانون الثاني الماضي للكشف على الفعاليات والمحلات والمنشآت الصناعية والحرفية الخاصة وبيان الحاجة الفعلية لها من مادة الغاز الصناعي، وتوافقها مع الكميات المخصصة لها، والتأكد من وجود الفعالية وقيامها بالعمل الفعلي.
وأشار المحافظ إلى أنه بناء على البيانات والجداول المقدمة من فرع محروقات حلب للرخص التي يتم تزويد أصحابها بالغاز الصناعي بموجب البطاقة الذكية، قامت تلك الفرق بجولات على الفعاليات الواردة ذكرها في الجداول للوقوف على حقيقة استخدام الغاز الصناعي المستجر للغاية الممنوح لأجلها، والتأكد من استيفاء المحلات كل الشروط القانونية التي تعطيها الحق في الحصول على هذه المادة.
وأوضح دياب أن الفرق توصلت إلى تصنيف الفعاليات التي زارتها إلى فئتين، فئة موجودة على أرض الواقع وتعمل، وأخرى غير موجودة على أرض الواقع أو مغلقة ولا تعمل، وتم تنظيم جدول خاص بالفعاليات التي لا تعمل، ومخاطبة فرع محروقات لإيقاف تزويد تلك الفعاليات بمادة الغاز.
وكشف محافظ حلب أنه بالنتائج الأولية تبين وجود نحو 1300 فعالية تستجر الغاز الصناعي من دون وجه حق، فتم إيقاف العمل بالبطاقات الذكية الممنوحة لتلك الفعاليات، مبيناً أن عدد الفعاليات التي تحصل على الغاز الصناعي في حلب وصل إلى 7515 فعالية منذ بدء العمل بمنظومة البطاقة الذكية في منتصف 2021 وحتى وقتنا الحالي.
ولفت دياب إلى أنه من خلال تدقيق جداول التزويد في «محروقات» تبيّن أن الفعاليات التي لا تعمل تحصل في الدورة الواحدة على 30 ألف أسطوانة غاز صناعي، أي إنها تستجر شهرياً 15 ألف أسطوانة بوزن 16 كغ للأسطوانة الواحدة، علماً أن الفعاليات الصناعية في حلب إجمالاً تحصل في الدورة كل شهرين على 200 ألف أسطوانة غاز صناعي.
وأكد المحافظ إحالة كامل الملف إلى الهيئة المركزية للرقابة والتفتيش لاتخاذ الإجراءات القانونية المطلوبة.
بدورها، أفادت مديرة الرقابة الداخلية في محافظة حلب عبير مكتبي المتابعة للملف، أنه من خلال تدقيق اللجان وبمرحلة أولى تبين أن هذه الفعاليات تحصل على أسطوانات الغاز الصناعي من دون وجه حق، حيث إن اللجان وثقت أن أغلب أصحاب تلك البطاقات غير المستحقة موجودون على أرض الواقع في مناطقهم لكن المحل مغلق أو غير موجود أصلاً.
وأضافت مكتبي: “إن عدداً كبيراً من هذه البطاقات هي بحوزة ناقلي الغاز المعتمدين في تلك المنطقة، وبالتالي الناقل هو الذي يتحكم في تصريف المادة، وكان البعض من أصحاب الرخص ذكر أن الحصول على البطاقة كان يتم بالتنسيق بينهم وبين الناقل، وأحياناً يحصل الناقل على البطاقة من دون وجود صاحب الترخيص، وهذا يشير إلى وجود فساد حقيقي في عملية استخراج هذه البطاقات”.
وتحدثت مديرة الرقابة بحلب عن إحالة الملف للهيئة المركزية للرقابة والتفتيش للتحقيق، وتحديد المسؤوليات والكميات المستجرة، وطرق التصرف بها، والقيمة الحقيقية لها في السوق السوداء، وقيمة التغريم التي يجب فرضها وفق أحكام المرسوم 8 لعام 2021، لافتةً إلى أن “محروقات” تقوم ببيع أسطوانة الغاز للصناعي بقيمة 160 ألف ليرة للأسطوانة الواحدة، بينما يتراوح سعرها في السوق السوداء بين 800 ألف إلى مليون ليرة بحسب فصول السنة، ففي الشتاء تكون أعلى سعراً، وكذلك في الأعياد ورمضان، ويتم التصرف بتلك الأسطوانات للفعاليات التي تقوم بالعمل بشكل فعلي ولكن مخصصاتها لا تكفي بسبب نقص الموارد.
وقالت مكتبي: “إن توفير 30 ألف أسطوانة في الدورة الواحدة سيؤدي إلى زيادة في تأمين حاجة الفعاليات التي تعمل بشكل حقيقي، واللجان مستمرة بعملها لإعادة تقدير الاحتياج للفعاليات العاملة بشكل فعلي وصولاً إلى ضبط وتوزيع المادة بشكل عادل ولمن يستحقها”.
يُشار إلى أن عدد الأسطوانات المستجرة بشكل غير شرعي شهرياً 15 ألف أسطوانة لمدة تتجاوز 32 شهراً يقدر عددها بحدود 480 ألف أسطوانة، والفرق بين سعر محروقات وسعرها في السوق السوداء يصل إلى 840 ألف ليرة وبالتالي تقدر المبالغ التي حققها من حصل على تلك الأسطوانات بشكل غير شرعي بحدود 400 مليار ليرة سورية تقريباً.