داما بوست- خاص| مهما صرّح دعاة الحرب في الكيان فلن يكون بمقدورهم تغيير الواقع الجديد الذي فرضه الرد الإيراني في عمق الكيان الصهيوني على قصف قنصلية طهران بدمشق، وعلى وزير الحرب الإسرائيلي يوآف غالانت قبول الواقع الجديد الذي تحدث بعدم قبوله، وعليه أيضاً أن يلملم شعث هزائمه في زوايا الكيان المبعثر.
الرد الإيراني الكبير كشفت ضعف كيان الاحتلال، إلى الدرجة التي بدا فيها غير قادر وحده في الدفاع عن نفسه العفنة، بل إن الولايات المتحدة والأردن وغيرهما، قاموا بالتصدي للصواريخ التي هاجمتها، ولولا ذلك لكان الوضع في الكيان على صورة مخالفة لما هي عليه.
“إسرائيل” اليوم، لم تعدة حرة في اختيار كيف ترد على الهجمات، أو تقبل الواقع أو ترفضه، فكل التصريحات مردودة عليها، والأجدر بها الخروج من ورطتها في غزة، وهزائمها وعدم قدرتها على تحقيقها أي إنجاز في مقابل مقاومة قوية تزداد تصلباً، وتفرض معادلة غزاوية متفوقة على آله الحرب الصهيونية الهائلة.
لقد أثبت الرد الإيراني على جرائم الكيان أن “إسرائيل” تحتاج إلى غيرها ليدافعوا عنها وأنها ليست حرة في اختيار كيف ترد على الهجمات، وبنيامين نتنياهو ندم على الساعة التي أمر فيها بشن الهجوم على القنصلية الإيرانية في دمشق قبل أسبوعين، في تحد كبير للشرائع الدولية والدبلوماسية.
“إسرائيل” منهكة والحرب في غزة لا تسير على ما يرام بالنسبة لقوات الاحتلال، فالقوات البرية الإسرائيلية تواجه مقاومة فلسطينية عنيدة، لا تبدي أي علامات استسلام أو تراجع، وذلك على الرغم من حجم الدمار الهائل والمعاناة الشديدة للسكان، ومن الواضح أن المزاج في أوساط المقاومة ازداد صلابة بعد الرد الإيراني الذي أنعش المقاومة، ومدها بحبل سري من القوة والاقتدار.
هجوم “إسرائيل” البربري يتعثر داخل غزة، وتتصاعد المعارضة لقيادة نتنياهو، في داخل الكيان، ويتعرض لضغوط حقيقية من أجل إبرام صفقة تفضي إلى استعادة الأسرى وهم على قيد الحياة.
وبالفعل خرجت إلى العلن خلافاته مع داعمه الأول جو بايدن، رئيس الولايات المتحدة، وها هو يخسر بشكل متسارع الرأي العام العالمي، والداخلي في كيانه، و”إسرائيل” بعد حربها على غزة أصبحت كياناً منبوذاً من حلفائها الغربيين، وإن أبدوا تعاطفاً ظاهرياً معها بعد الرد الإيراني القوي والمزلزل.
“إسرائيل” تحاول الآن لعب دور الضحية، وتجس نبض الدول الداعمة لها حول ردها الذي تتبجح به على إيران، لكن المزاج العام يرفض أي تصعيد ولا يدعم الكيان في أي رد على الجمهورية الإسلامية الإيرانية.
نتنياهو يقامر ويغامر ويحرك حجارة الشطرنج على رقعة خسر فيها جميع بيادقه، لذلك يريد جر الولايات المتحدة لكي تشن هجوماً على إيران، لكنه فشل في ذلك عندما جاءت الضربة الإيرانية، لتبين أنها صممت بعناية لتوجيه عدد من الرسائل للولايات المتحدة ولـ “إسرائيل” الكيان الذي هو أوهن من بيت العنكبوت.
طهران أسست لشرعية الرد ضمن قواعد القانون الدولي وضربت “إسرائيل” مباشرة بدون إشعال فتيل حرب شاملة، وعلى مواقع عسكرية كانت تعمل للحرب على المنطقة، ولم تستهدف أهدافاً مدنية أو اقتصادية وهو رد يرقى لمستوى كبير من احترام قواعد الدبلوماسية والأعمال العسكرية ضمن مواد وقوانين الأمم المتحدة.
الصواريخ وصلت إلى أهدافها، وكل واحد من الصواريخ يحمل رسالة على الأغلب وصلت، وبذلك كان الهجوم نجاحاً استراتيجياً وانتكاساً لسمعة “إسرائيل” بوصفها الولد المتنمر والمدلل داخل مجتمعات الغرب وخاصة بالنسبة للعم سام، الذي وصلته الرسالة بضرورة لجم طفله المدلل.
الرسالة الإيرانية الكبرى وصلت إلى “إسرائيل” بأن إيران لديها القدرة على ضربها وعلى ضرب أهداف عن بعد، بدون الحاجة إلى استخدام أحد، من دول وحلفاء، وكانت الأسلحة المستخدمة عينة صغيرة عن ما لديها من قوة نارية حقيقية كبيرة.