“يانايم وحد الدايم”.. المسحراتي صوتٌ مازال يصدح في شهر رمضان
داما بوست – علي خزنة| قبيل ساعة من موعد آذان الفجر في شهر رمضان المبارك، يصدح صوت المسحراتي في أحياء دمشق وهو ينادي “يا نايم وحد الدايم، قوموا على سحوركن إجا رمضان يزوركن” معلناً موعد السحور لمن يريد الصيام في تقليد رمضاني مستمر في أحياء المدينة.
بشكل يومي من ليالي رمضان، يجوب أبو محمد “المسحراتي” أزقة ساروجة وسط دمشق مخترقاً للهدوء السائد ليلاً بطبلته وصوته لإيقاظ النائمين وهو مثال عن 40 شخص يقومون بعمل المسحراتي هذا العام بحسب مصادر رسمية لـ”داما بوست”.
يقول أبو محمد لـ”داما بوست” أنه يقوم بهذا العمل خلال شهر رمضان بعد الحصول على الموافقات اللازمة للعمل من قبل الجهات الرسمية في دمشق للحفاظ على تراث هذه المهنة، كون أن مهنته جزء من طقوس شهر رمضان، مؤكداً على ضرورة الحفاظ على هذه العادة.
وأشار أبو محمد إلى أن انتشار التكنولوجيا والموبايلات لايهدد استمرار المسحراتي بشكل سنوي كونه طقس رمضان ويكون مؤقت خلال العام.
فيما تختلف طريقة أداء الكلمات المتفارقة للقرع على الطبلة مابين مسحراتي وآخر، حيث يجوب أبو حسن أحياء دمشق القديمة حاملاً بيده عصا مصنوعة من الخيزران وطبلة صغير تتجاوز حجم كف اليد بشكل ليس كبيراً مكسوة بطبقة من الجلد، قارعاً أبواب قاطني تلك المنطقة متفنناً بالقرع على الطبلة التي يحملها ومنادياً للسكان بأسمائهم ممن يعرفهم.
يقول أبو حسن لـ”داما بوست”: أقوم بالقرع على الأبواب والطبلة قبالة كل باب من أبواب سكان المنطقة الذي أعرفهم بشكل جيد وأنتظر أن يجيب بصوت من داخل المنزل “إي فقنا فقنا” أو أرى ضوءاً أنير في المنزل أو أسمع أية أصوات تدل على أن “أهل البيت فاقوا”، واصفاً نفسه أنه يقوم بعمله كمسحراتي “بضمير”.
يتابع أبوحسن في حديثه، غالباً مايحمل المسحراتي سلة من القش فهناك أهالٍ يقومون بتقديم مايتوفر لديهم من طعام وهناك منيقوم بدفع مبلغ من المال كأجر مادي، كونه لايوجد راتب للعاملين في هذه المهنة، مطالباً بوجود جهة ترعى عمل المسحراتي خلال شهر رمضان المبارك وتقوم بدفع راتب لهم خلال هذا الشهر، لافتاً إلى أن هذا الأمر سيساهم في وجود إقبال من الذين يرغبون بالعمل في هذه المهنة خلال رمضان وأيضاً سيساهم في الحفاظ على هذه العادة من الإندثار.
أربعين مسحراتي في دمشق هذا العام
قال مصدر في محافظة دمشق “داما بوست” أنه تم منح قرابة 40 موافقة لأربعين شخص للعمل في مهنة المسحراتي خلال رمضان 2024، لافتاً إلى عدموجودأجر شهري يتقاضاه من قبل المحافظة أو أي جهة رسمية، إنما يكون إعتماده على مايقدمه الأهالي من طعام ومبالغ مالية “إكرامية” خلال الشهر الكريم، وعيدية يتم تقديمها مع حلول عيد الفطر السعيد.
المسحراتي قديم قِدم دمشق
يروي عضو فريق أصدقاء التراث الشامي هيثم الفحل لـ”داما بوست” عن العادات الرمضانية وكيف يتم التحضير لشهر رمضان المبارك، أنه يتم التحضير لشهر رمضان من مونة لمنزل قبل عدة أيام من الشهر الكريم يتم تحضيرات عدة مأكولات وتفريزها والقيام بتكريزة رمضان، مبيناً أن الاستعدادا هذا العام كانت أقل من العام الماضي من ناحية كميات الطعام التي تم تحضيرها قبل رمضان نتيجة الوضع الإقتصادي الحالي.
وبين الفحل أن شهر رمضان يتميز بوجود المسحراتي، حيث يتجول في أحياء المدينة مرتدياً اللباس العربي الدمشقي حاملاً بيده سلة صنعت من القشة وطبلة وعصا من الخيزران منادياً بأعلى صوته لإيقاظ النائمين مع اقتراب وقت السحور، ويعود قِدم المسحراتي إلى قِدم مدينة دمشق.
وأشار عضو فريق أصدقاء التراث الشامي إلى أن سكان دمشق اعتادوا وجود المسحراتي على الرغم من وجود الموبايلات والساعات وغيرها من التكنولوجيا، كونه ينشر البهجة والسرور في قلوب الأطفال الذين ينتظرون قدومه مطلقين عليه لقب أبو طبلة، موضحاً أن سنوات الحرب التي عصفت في البلاد حدت من استمرار عمل المسحراتي لِما كان هناك من خطورة.