هجوم تدمر يقتل جنودًا أمريكيين ويضع حكومة أحمد الشرع أمام اختبار أمني وسياسي
أدّى هجوم مسلح في مدينة تدمر وسط سوريا إلى مقتل ثلاثة جنود أمريكيين، في حادثة اعتبرتها صحيفة “نيويورك تايمز” الأميركية اختبارًا أمنيًا وسياسيًا بالغ الحساسية للحكومة السورية الجديدة برئاسة أحمد الشرع.
ويأتي الهجوم في وقت تحاول فيه الحكومة السورية المؤقتة إعادة توحيد البلاد وترسيخ مؤسسات الدولة بعد سنوات من الحرب الأهلية، وسط تحديات متشابكة تشمل هشاشة البنية الأمنية، واستمرار التوترات مع قوات سوريا الديمقراطية (قسد) في شمال شرقي البلاد.
مهمة معقّدة أمام الرئيس أحمد الشرع:
بحسب تقرير الصحيفة، يواجه الرئيس أحمد الشرع منذ توليه السلطة قبل نحو عام مهمة شاقة تتمثل في:
1- بناء جيش سوري موحّد
2- إطلاق مسار مصالحة وطنية
3- بسط سلطة الدولة على كامل الأراضي السورية
غير أن استمرار العنف الطائفي والاشتباكات مع فصائل مسلحة مختلفة يعكس هشاشة الوضع الأمني، ويحدّ من قدرة الحكومة على تحقيق الاستقرار، فيما يشكّل هجوم تدمر ضربة إضافية لصورة الحكومة داخليًا وخارجيًا.
العلاقة مع واشنطن تحت المجهر:
يشير التقرير إلى أن الهجوم يسلّط الضوء على التحدي الأمني المستمر، ويضع العلاقات السورية–الأمريكية أمام اختبار دقيق، لا سيما مع وجود نحو ألف جندي أمريكي في سوريا ضمن إطار “التحالف الدولي” لمحاربة تنظيم داعش، وهو ما يزيد من تعقيد أي خطوات سياسية أو عسكرية مستقبلية.
ونقلت الصحيفة عن محلل شؤون مكافحة الإرهاب في مجموعة صوفان، كولين كلارك، قوله إن الهجوم قد يدفع واشنطن إلى إعادة تقييم خطط سحب القوات الأمريكية، محذرًا من أن أي انسحاب متسرع قد يمنح تنظيم داعش فرصة لاستعادة نفوذه وتوسيع نشاطه في مناطق لا تزال خارج السيطرة الكاملة للحكومة السورية.
توتر متجدد مع “قسد”:
أعاد الهجوم أيضًا إلى الواجهة التوترات بين دمشق وقوات سوريا الديمقراطية، الحليف الرئيسي للولايات المتحدة في محاربة داعش.
ورغم توقيع اتفاقيات مبدئية لدمج “قسد” في مؤسسات الدولة السورية، لا يزال تنفيذها متعثرًا، وسط تبادل اتهامات بين الطرفين بشأن النوايا السياسية والعسكرية.
وتتهم الحكومة السورية “قسد” باستخدام ملف مكافحة الإرهاب لتعزيز نفوذها في مناطق استراتيجية غنية بالموارد، خصوصًا النفط والغاز، فيما ترى أطراف دولية أن هذا الخلاف يعرقل جهود الاستقرار الشامل.
اختبار الاستقرار وصورة الشرع دوليًا:
على الصعيد الدولي، ترى “نيويورك تايمز” أن الهجوم يمثّل اختبارًا حقيقيًا لصورة الرئيس أحمد الشرع، الذي يسعى لتقديم نفسه كشريك موثوق في مكافحة الإرهاب وبناء الاستقرار الإقليمي.
وأشارت الصحيفة إلى أن الشرع عمل منذ توليه السلطة على تحسين علاقات سوريا الخارجية، بما في ذلك مع الولايات المتحدة ودول عربية مجاورة، كما انضمّت دمشق مؤخرًا إلى التحالف الدولي ضد داعش، إلا أن استمرار الهجمات يهدد بتقويض هذا المسار وإضعاف مصداقية الحكومة أمام المجتمع الدولي.
ردود أمريكية حذرة:
بحسب التقرير، يواجه الرئيس الشرع في المرحلة المقبلة ضغوطًا أمنية وسياسية واقتصادية متزايدة، بالتوازي مع تحقيق يجريه البنتاغون في ملابسات الهجوم، وتعهدات من الرئيس الأمريكي بالرد.
ومع ذلك، نقلت الصحيفة عن مسؤول عسكري أمريكي، فضّل عدم الكشف عن اسمه، أن شن حملة عسكرية واسعة داخل سوريا غير مرجّح في الوقت الحالي، مشددًا على أهمية اتباع نهج حذر لتجنّب زعزعة الوضع السياسي الهش للحكومة السورية الجديدة.
إقرأ أيضاً: تصاعد الهجمات المسلحة وتنامي نشاط داعش في مناطق سيطرة الحكومة السورية
إقرأ أيضاً: الداخلية السورية حول هجوم تدمر: تقييم صدر بحق منفذ الهجوم رجّح امتلاكه أفكاراً تكفيرية