هجوم تدمر يختبر تماسك الأجهزة الأمنية الجديدة
قُتل جنود أمريكيون وسوريون في هجوم مسلح وسط سوريا نفّذه عنصر من قوات الأمن السورية، السبت الماضي، في حادثة أثارت تساؤلات واسعة حول تماسك الأجهزة الأمنية السورية الجديدة وقدرة الرئيس الانتقالي أحمد الشرع على فرض الانضباط والسيطرة داخلها.
ويُعدّ هذا الهجوم من أخطر التحديات الأمنية التي تواجه الحكومة السورية الجديدة منذ سقوط نظام بشار الأسد، كما يضع التعاون الأمني المتنامي بين دمشق وواشنطن تحت مجهر سياسي وأمني دقيق.
تفاصيل الهجوم قرب تدمر:
قال مصدر خاص لـ”الحل نت” إن المعلومات المؤكدة تشير إلى أن المنفّذ أطلق النار على قوات أمريكية وسورية أثناء وجودهم في استراحة غداء داخل موقع أمني قرب مدينة تدمر، ما أسفر عن مقتل سبعة أشخاص من الطرفين وإصابة خمسة آخرين.
وبحسب المصدر، فإن المنفّذ عنصر في قوات الأمن السورية ينحدر من ريف حلب، وكان شقيقه قد قُتل سابقًا على يد القوات الأمريكية بعد انضمامه إلى تنظيم داعش.
ووقعت الحادثة عند مدخل منشأة محصنة تابعة لقيادة الأمن الداخلي، خلال اجتماع أمني كان يهدف إلى توسيع التنسيق بين القوات الأمريكية ووزارة الداخلية السورية في وسط البلاد، وفق مسؤولين أمريكيين.
المنفّذ عنصر أمني وليس مقاتلًا في داعش:
ووفق تقرير لصحيفة وول ستريت جورنال، أكد مسؤولون سوريون وأمريكيون أن منفّذ الهجوم ليس مقاتلًا تابعًا لتنظيم داعش، خلافًا لما ورد في روايات أولية، بل عنصرًا في الأجهزة الأمنية السورية.
وقال المتحدث باسم وزارة الداخلية السورية، نور الدين البابا، إن المهاجم كان موضع اشتباه أمني بسبب تبنّيه أفكارًا متطرفة، وذلك في تقييم صدر بتاريخ 10 كانون الأول/ديسمبر، وكان من المقرر فصله من الخدمة في اليوم التالي للهجوم.
وأضاف أن المنفّذ لم يكن يشغل منصبًا قياديًا، ولم يكن ضمن مرافقة أي قائد أمني سوري خلال الاجتماع مع الجانب الأمريكي، مشيرًا إلى أن التحقيقات ما تزال جارية لتحديد ما إذا كان مرتبطًا تنظيميًا بداعش أم متأثرًا فقط بأيديولوجيته.
وأعلنت وزارة الداخلية لاحقًا اعتقال خمسة مشتبه بهم خلال عملية أمنية نُفذت في مدينة تدمر ردًا على الهجوم.
تداعيات سياسية وأمنية للحادثة:
يسلّط الهجوم الضوء على التحديات المعقّدة التي تواجه الرئيس السوري الانتقالي أحمد الشرع، في مساعيه لإعادة بناء أجهزة أمنية وعسكرية تشكّلت بسرعة من فصائل متمردة سابقة، من بينها عناصر من هيئة تحرير الشام وفصائل أخرى ذات توجهات متباينة، إضافة إلى مقاتلين سابقين يحمل بعضهم خلفيات متشددة.
كما يضع الحادث إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أمام اختبار حساس، بعد أن راهنت واشنطن على الشرع كشريك رئيسي في مكافحة تنظيم داعش.
وكان ترامب قد التقى أحمد الشرع في البيت الأبيض خلال تشرين الثاني/نوفمبر، قبل انضمام سوريا رسميًا إلى “التحالف الدولي” ضد داعش.
الموقف الأمريكي: الهجوم لا يغيّر الاستراتيجية:
قال توماس باراك، المبعوث الأمريكي الخاص إلى سوريا، إن الهجوم لا ينسف الاستراتيجية الأمريكية القائمة على “تمكين شركاء سوريين قادرين بدعم أمريكي محدود”، معتبرًا أن ما جرى “يعزّز الحاجة إلى هذه المقاربة بدل تقويضها”.
ويأتي ذلك في وقت تكثّف فيه الولايات المتحدة والحكومة السورية الجديدة عملياتهما ضد خلايا تنظيم داعش، وسط تحذيرات من أن أي إخفاق في التدقيق الأمني وضبط العناصر قد يعقّد التعاون الثنائي، ويؤجل مساعي واشنطن لاعتبار دمشق شريكًا موثوقًا في مرحلة ما بعد الأسد.
تكشف هذه الحادثة عن هشاشة المرحلة الانتقالية الأمنية في سوريا، وتعيد طرح سؤال محوري: هل يستطيع الرئيس أحمد الشرع فرض السيطرة الكاملة على الأجهزة الأمنية الجديدة ومنع الاختراقات الفكرية والتنظيمية داخلها؟
إقرأ أيضاً: المرصد السوري: التحالف الدولي يرفض التعاون مع الأمن العام ويعزّز شراكته مع أمن البادية في تدمر
إقرأ أيضاً: الداخلية السورية حول هجوم تدمر: تقييم صدر بحق منفذ الهجوم رجّح امتلاكه أفكاراً تكفيرية