تكتيك “الموازنة المتقاطعة”: خفض الوقود يقابله رفع هائل في أسعار الاتصالات
في خطوة تعكس أسلوباً مألوفاً في إدارة الأزمات الاقتصادية، أعلنت السلطات السورية عن تطبيق “الموازنة المتقاطعة” عبر قرارين متضادين: خفض أسعار المشتقات النفطية بالتزامن مع رفع كبير لأسعار خدمات الاتصالات.
ويأتي هذا التحرك، في ظل معاناة الاقتصاد السوري من الانهيار، حيث يرى المراقبون والمواطنون أن الهدف هو امتصاص السخط الشعبي الناتج عن تدهور الأوضاع المعيشية دون إحداث تغيير حقيقي.
تفاصيل خفض أسعار الطاقة:
أعلنت وزارة الطاقة في سوريا عن آلية تسعير جديدة للمشتقات النفطية بدأت في 12 تشرين الثاني، والتي تهدف، بحسب الوزارة، إلى “إصلاح القطاع وتحقيق التوازن بين الكلفة والاستهلاك”.
- سعر ليتر البنزين أوكتان 90: أصبح $0.85 دولار.
- سعر ليتر المازوت: أصبح $0.75 دولار.
- سعر أسطوانة الغاز المنزلي: حُدد بـ $10.5 دولارات.
- سعر الغاز الصناعي: حُدد بـ $16.8 دولاراً.
القفزة الهائلة في أسعار الاتصالات:
بعد وقت قصير من قرار خفض أسعار الوقود، تفاجأ السوريون بإعلان شركات الاتصالات عن قفزة كبيرة في أسعار خدمات الخطوط مسبقة الدفع والفئات المدعومة، وصلت إلى ثلاثة أضعاف تقريباً. وتضمنت الخطوة طرح باقات شهرية وفصلية بأسعار وُصفت بالأعلى منذ سنوات، على الرغم من تزايد شكاوى المستخدمين من تردي جودة الخدمة.
- أمثلة على التسعيرة الجديدة لشركة سيريتل (الأقل سعراً):
الباقة الشهرية الأقل سعراً: بلغت 24 ألف ليرة سورية، مقابل 300 دقيقة، 300 رسالة، و 1.5 غيغابايت إنترنت. - الباقة الشهرية الأعلى سعراً: وصلت إلى 300 ألف ليرة سورية، وتشمل 800 دقيقة و 75 غيغابايت إنترنت.
- الباقات الفصلية (90 يوماً): قُدمت بسعر 180 ألف ليرة و 300 ألف ليرة.
رؤية المواطنين: “التعويض المتقاطع”
يرى المواطنون أن ربط خفض أسعار الوقود برفع أسعار الاتصالات يمثل إعادة إحياء لـ “المعادلة الاقتصادية القديمة” أو سياسة “الموازنة المتقاطعة”.
يقوم هذا التكتيك على تخدير الرأي العام وتخفيف حدة الغضب بقرار إيجابي في قطاع معين، بينما تُفرض زيادات في قطاعات أخرى ضرورية ولا يمكن الاستغناء عنها (كالخدمات اللوجستية والاتصالات)، ما يلغي فعلياً أي تحسن في القوة الشرائية والحياة المعيشية اليومية للمواطنين، في غياب لأي إصلاح اقتصادي هيكلي حقيقي.
اقرأ أيضاً:دعوات واسعة لمقاطعة شركتي سيريتل وإم تي إن بعد رفع أسعار الباقات
اقرأ أيضاًتخفيض أسعار المحروقات في سوريا.. بين الارتياح والتساؤلات حول الجدوى