أزمة بيئية في جبل الحص: سكان ريف حلب يطالبون بحلول مستدامة لمشكلة نفايات تل الضمان
يعاني أهالي منطقة جبل الحص، التي تضم العديد من القرى في ناحيتي تل الضمان وخناصر في ريف حلب الجنوبي الشرقي، من كارثة بيئية تهدد حياتهم اليومية نتيجة لمطمر النفايات الواقع في قرية جب الخفي. يعبر السكان عن استيائهم من تأثيرات المطمر البيئية التي تشمل تدهور الزراعة، تفشي الأمراض، وتلوث البيئة المحيطة، حيث يزداد القلق من أن المنطقة تتحول إلى بؤرة بيئية خطرة.
شكاوى أهالي جبل الحص من تلوث البيئة:
يشير سكان المنطقة إلى ما وصفوه بـ”سياسة الإهمال” التي يتبعها محافظة حلب تجاه المنطقة، حيث يعتبرون أن مطمر النفايات في جب الخفي أصبح مكباً للنفايات القادمة من مدينة حلب بعد إغلاق مكب الشيخ سعيد في أطراف المدينة. وقال مصدر محلي في تل الضمان لموقع تلفزيون سوريا: “بدلاً من تنمية منطقتنا، تقوم المحافظة بتركيز نفايات حلب هنا، مما يزيد من معاناتنا ويكرس التهميش المستمر.”
وتصاعدت شكاوى الأهالي بعد ترحيل النفايات من مكب الشيخ سعيد إلى منطقة جبل الحص، حيث اعتبر السكان أن هذا الإجراء جاء على حسابهم، واعتبروه ظلمًا مضاعفًا لمنطقة تعاني من نقص الخدمات.
تأثير النفايات على الحياة اليومية:
وقال مصطفى سلوم، أحد سكان المنطقة: “لقد لوّثوا أكثر من 250 قرية وبلدة في جبل الحص. الهواء ملوث، الأمراض بدأت تنتشر، وخاصة بين الأطفال الذين يعانون من آثار التلوث”. وأعرب سلوم عن أمله في أن يتم حل مشكلة التلوث بشكل جدي من قبل المسؤولين في محافظة حلب قبل أن تتحول المنطقة إلى مكان غير صالح للعيش.
وأضاف محمد الأحمد، أحد سكان تل الضمان، أن الحياة في المنطقة أصبحت شبه معدومة، حيث تعاني من الجفاف، قلة الأمطار، بالإضافة إلى الآثار السلبية لمطمر النفايات. وأشار إلى أن المنطقة كانت في السابق موقعًا مناسبًا للاستشفاء، كما أظهرت دراسة برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، لكن المطمر حوّلها إلى منطقة ملوثة وغير صالحة للسكن.
استجابة محافظة حلب: وعود غير كافية:
وفي رد فعل على شكاوى الأهالي، قام أحمد كردي، مدير الإدارة المحلية في محافظة حلب، بزيارة إلى مطمر تل الضمان في محاولة للاستماع إلى مطالب السكان، ووعَد باتخاذ خطط طارئة لمعالجة التلوث. ومع ذلك، يرى السكان أن هذه الزيارة كانت مجرد إجراء شكلي ولم تفضِ إلى حلول عملية واضحة. محمد الأحمد قال: “لقد سمعنا وعودًا كثيرة في الماضي، لكن الوضع لم يتغير. نحن بحاجة إلى حلول عملية وواقعية، لا مجرد تصريحات.”
مقترحات لتحويل المطمر إلى مصدر تنمية:
في مواجهة هذا الوضع، طرح العديد من المصادر المحلية فكرة تحويل مطمر تل الضمان إلى مشروع حيوي يمكن أن يساهم في تحسين البيئة وتوفير فرص عمل للسكان المحليين. وقالت المصادر: “لماذا لا يتم استثمار النفايات بشكل صحيح من خلال مشروع لتدوير النفايات في المنطقة؟ يمكن أن يصبح المطمر مصدرًا لتنمية اقتصادية مستدامة بدلاً من أن يكون عبئًا بيئيًا.”
بحسب المصادر المحلية، مدينة حلب تنتج نحو 2800 طن من النفايات يوميًا، وهو ما يفتح المجال أمام تنفيذ مشروعات لتدوير النفايات باستخدام تقنيات بيئية حديثة. وأضافت المصادر أن هذه المشاريع يمكن أن تؤدي إلى إنتاج الطاقة والأسمدة، مما يعزز الاقتصاد المحلي.
فرصة لتطوير قطاع تدوير النفايات في سوريا:
أحد الحلول التي تم اقتراحها هو إعادة تدوير النفايات باستخدام تقنيات بيولوجية حديثة، وذلك من خلال مشاركة مستثمرين محليين أو سوريين في هذا القطاع. أكدت مصادر خاصة لموقع “تلفزيون سوريا” أن هناك شركة سورية متخصصة في معالجة النفايات ترغب في التقدم بعرض رسمي إلى مجلس مدينة حلب لتنفيذ مشروع متكامل لتدوير النفايات. هذا المشروع يمكن أن يعزز الاقتصاد المحلي ويساهم في تحسين البيئة في ريف حلب بشكل عام.
الحلول المستقبلية: نحو استراتيجية شاملة لإدارة النفايات:
لحل مشكلة النفايات في مدينة حلب ومنطقة جبل الحص، يبقى الإطار الزمني للبحث عن حلول شاملة ومستدامة أمرًا بالغ الأهمية. ينبغي وضع خطة وطنية لإدارة النفايات تشمل إنشاء معامل لتدوير النفايات وفقًا لأحدث المواصفات العالمية. ويؤكد الخبراء أن تجارب الدول الرائدة في هذا المجال يجب أن تشكل نموذجًا للاستفادة من النفايات وتحويلها إلى موارد اقتصادية بدلاً من مجرد التخلص منها.
الخلاصة:
تعد منطقة جبل الحص مثالًا صارخًا على التهميش البيئي والخدمي في ريف حلب. ومع تزايد شكاوى الأهالي من التلوث البيئي الناجم عن مطمر تل الضمان، يتطلب الأمر تدخلًا سريعًا وحلولًا مستدامة. من خلال مشروعات تدوير النفايات واستخدام تقنيات بيئية حديثة، يمكن تحويل هذه الأزمة البيئية إلى فرصة للتنمية وتحسين حياة سكان المنطقة. لكن السؤال يبقى: هل ستتحرك الجهات المعنية قبل أن تتحول جبل الحص إلى منطقة ملوثة وغير صالحة للعيش؟
إقرأ أيضاً: الجنوب السوري: تحول الماء إلى أداة نفوذ
إقرأ أيضاً: الأزمة الزراعية في سوريا تشتد: جفاف تاريخي وتجاهل حكومي يهددان الأمن الغذائي