الحكومة الانتقالية و”قسد”: تفاهمات أولية بشأن الاندماج العسكري وتحديات اللامركزية

أنهى وفدا الحكومة السورية الانتقالية و”قوات سوريا الديمقراطية” (قسد) أولى جلساتهما الفنية والتقنية في العاصمة دمشق، ضمن تنفيذ اتفاق 10 آذار الموقّع بين الرئيس الانتقالي أحمد الشرع وقائد “قسد” مظلوم عبدي.

الاجتماع الذي جمع وزيري الدفاع والداخلية من الحكومة الانتقالية، ووفداً تقنياً رفيعاً من “قسد”، شهد مناقشات معمقة حول آليات دمج قسد والأسايش ضمن مؤسسات الدولة، خصوصاً وزارتي الدفاع والداخلية.

ورغم أن الحكومة السورية التزمت الصمت الإعلامي، إلا أن وكالة “هاوار” الكردية وصفت اللقاء بـ”الإيجابي”، مؤكدة توافق الجانبين على ضرورة تنفيذ بنود الاتفاق كاملاً.

ضغط أميركي واضح… وتسهيلات لوجستية:

بحسب مصادر مطلعة، جاء عقد الاجتماع نتيجة ضغط مباشر من الجانب الأميركي، بهدف تسريع تنفيذ الاتفاق، حيث سهّلت واشنطن تنقّل الوفد الكردي من مناطق شمال شرقي سوريا إلى دمشق.

في المقابل، تواصل حكومة الشرع استخدام أوراق ضغط تكتيكية، من بينها إبقاء المعابر الواصلة بين مناطق سيطرتها ومناطق سيطرة قسد مغلقة، وزيادة الحشود العسكرية قرب ريفي حلب ودير الزور، في رسالة ضمنية لإمكانية اللجوء إلى الحل العسكري إذا فشلت المفاوضات، في ظل تقديرات عن دفع تركي بهذا الاتجاه.

اتفاق مبدئي على دمج “قسد” في وزارة الدفاع السورية:

صرّح قائد “قسد” مظلوم عبدي، عقب الاجتماع، بأن الطرفين توصلا إلى اتفاق مبدئي لدمج “قسد” ضمن وزارة الدفاع، مشيراً إلى توافق على “إعادة هيكلة القوات” تحت مسمى جديد يتوافق مع بنية الجيش السوري الجديد.

كما أكد عبدي تفاهمات أولية لدمج جهاز “الأسايش” ضمن وزارة الداخلية، تحت اسم “قوى الأمن الداخلي”، معتبراً أن “الإرادة المشتركة بين الطرفين تُسرّع عملية تنفيذ الاتفاق”.

إلا أن عبدي نبّه إلى أن “نجاح المفاوضات لا يزال مرهوناً بموقف تركيا”، مجدداً مطالبته بـ”تعديلات دستورية تضمن حقوق الشعب الكردي”، مشيراً إلى وجود “تجاوب أولي” من الحكومة الانتقالية.

تفاصيل تفاهمات دمشق: دمج المؤسسات والإشراف على النفط والمعابر:

بحسب مصادر مطّلعة على الاجتماع تحدثت لصحيفة “الأخبار” اللبنانية:

1- “قسد” وافقت على التخلّي عن تسميتها الحالية، مقابل إنشاء ثلاث فرق عسكرية في الحسكة، الرقة، ودير الزور، إضافة إلى فرقة خاصة بمكافحة الإرهاب.-

2- إعادة هيكلة “الأسايش” ضمن جهاز “قوى الأمن الداخلي”، يتبع لوزارة الداخلية.

3- المعابر البرية، مطار القامشلي، وحقول النفط والغاز ستكون تحت إشراف حكومي مباشر.

4- “قسد” طلبت تخصيص جزء من عائدات النفط لصالح مناطق الإدارة الذاتية.

خلاف عميق حول شكل اللامركزية السياسية:

ورغم التقارب العسكري، لا يزال الخلاف الأساسي قائماً حول “اللامركزية”، حيث تتمسك “قسد” بمفهوم لامركزية موسّعة تضمن حكماً ذاتياً، بينما تفضّل الحكومة الانتقالية نموذجاً إدارياً محدود الصلاحيات.

وتحذّر مصادر مطلعة من أن هذا الخلاف الجوهري قد يُهدد بنسف التفاهمات الشفهية، خاصة مع استمرار اعتماد الطرفين على تنسيق خارجي؛ حيث يُتّهم وفد الحكومة بالتواصل مع أنقرة قبل وبعد كل جولة تفاوض، فيما يُرجّح أن “قسد” لا تزال تنسق مع قيادات من حزب العمال الكردستاني.

السيناريوهات المقبلة: هل ينجح مسار دمج “قسد” في مؤسسات الدولة؟

مفاوضات دقيقة أمام اختبار تركي أميركي:

مع استمرار الاجتماعات بين الحكومة الانتقالية و”قسد”، يبدو أن الاتفاقات الأمنية والعسكرية تسير نحو الإقرار التدريجي، في حين تبقى الملفات السياسية والدستورية أكثر تعقيداً، لا سيما في ظل تضارب المصالح الإقليمية، وضغوط كل من تركيا والولايات المتحدة على طرفي التفاوض.

إقرأ أيضاً: أردوغان: نحذر من انزلاق قسد نحو مسارات خاطئة

إقرأ أيضاً: مظلوم عبدي يعلن: اتفاق مبدئي مع دمشق لدمج قسد بوزارتي الدفاع والداخلية

المزيد ايضا..
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.