“تجارة الصحة النفسية في سوريا: كيف يستغل غير المؤهلين حاجة الناس؟”

انتشر في السنوات الأخيرة في دمشق ما يمكن تسميته بـ”الممارسين غير المؤهلين” في مجال الطب والصحة النفسية، مما أثار قلقا واسعا حول تحول هذه المهنة الحساسة إلى نشاط تجاري يفتقر إلى الضوابط والمعايير. وتكشف هذه الظاهرة عن مشكلة خطيرة تتمثل في غياب الرقابة الفعالة، مما سمح لأشخاص لا يمتلكون المؤهلات الأكاديمية والخبرة العملية بفتح عيادات وتقديم خدمات علاجية.

أسباب انتشار الظاهرة

أرجعت رنيم معتوق، وهي مدرسة في جامعة دمشق، أسباب انتشار هذه الظاهرة إلى عاملين رئيسيين:

  • ضعف الوعي المجتمعي بأهمية الصحة النفسية.
  • الوضع المعيشي الصعب الذي يدفع الكثير من الناس للبحث عن بدائل رخيصة للعلاج.

وبينت لموقع “نورث برس” أن التكلفة المرتفعة لجلسات العلاج النفسي الرسمية تجعلها بعيدة عن متناول أغلب السوريين، مما يجعلهم يلجأون إلى أشخاص غير متخصصين.

مخاطر العلاج على يد غير المتخصصين

يُعتبر العلاج النفسي من أكثر المجالات الطبية حساسية، ويحذر المتخصصون من مخاطر ممارسته من قبل غير المؤهلين. وقد أوضح محمد علي عوض، وهو طالب في كلية الهندسة المدنية، أن غياب الأخصائي المؤهل قد يؤدي إلى تدهور حالة المريض الصحية بدلاً من تحسنها.

من جانبه، أكد الدكتور حسام شحادة، الأخصائي في الدعم النفسي، أن السماح لأشخاص يحملون شهادات من دورات تدريبية قصيرة وغير معترف بها من وزارة التعليم العالي بممارسة العلاج أدى إلى أخطاء مهنية جسيمة. وشدد على أن الدعم النفسي، خاصة في أوقات الأزمات والكوارث، يجب أن يقدمه متخصصون مدربون تدريبا عاليا.

الحلول المقترحة والجهود المبذولة

لضبط هذه الفوضى، حملت سارة أنيس وزارتي الشؤون الاجتماعية والعمل والصحة مسؤولية ضبط هذه الظاهرة، مطالبة بفرض قوانين صارمة تضمن أن يمتلك المعالج شهادة جامعية متخصصة كحد أدنى.

وكشف الدكتور حسام شحادة أن مشروع قرار جديدًا قد رُفع إلى وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل ووافقت عليه، يقضي بترخيص مراكز للدعم والعلاج النفسي لخريجي كليات التربية وعلم النفس.

وأوضح أن هذا القرار جاء نتيجة اجتماعات بين وزارات الصحة والتربية والشؤون الاجتماعية والعمل، بهدف سد الفراغ الذي سمح لغير المؤهلين بالدخول إلى هذه المهنة.

وذكر شحادة أن الرقابة على الممارسات غير الشرعية تراجعت بشكل كبير بعد عام 2017 بسبب ظروف الحرب، مما فتح الباب لتسلل غير المتخصصين.

وأكد أن السنوات القادمة ستشهد تطبيق ضوابط صارمة على كل من يمارس المهنة دون اختصاص.

ختاما، أشار شحادة إلى أن مشروع القرار الجديد سيُبصر النور قريبا، مما سيسهم في تنظيم المهنة وحماية المرضى من الأخطاء المهنية.

 

اقرأ أيضاً:مشافي سوريا: انهيار الطبابة المجانية وتحوّل المشافي إلى هياكل مفرغة

اقرأ أيضاً:انهيار وشيك للقطاع الصحي في سوريا وسط تراجع التمويل وتحذيرات أممية

حساباتنا: فيسبوك  تلغرام يوتيوب تويتر انستغرام

المزيد ايضا..
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.