ما وراء طلب “إسرائيل” فتح ممر إنساني مباشر إلى السويداء؟

في تطور لافت، تسعى “إسرائيل” عبر وساطة أمريكية إلى إقناع الحكومة السورية الانتقالية بالسماح بفتح ممر إنساني مباشر من “إسرائيل” إلى محافظة السويداء جنوب سوريا، تحت ذريعة “إيصال مساعدات إنسانية إلى الطائفة الدرزية”، بحسب تصريحات رسمية من مسؤولين أمريكيين وإسرائيليين في 12 آب/أغسطس 2025.

الطلب الإسرائيلي جاء بعد رفض الأردن السماح بمرور المساعدات الإسرائيلية عبر أراضيه، ما دفع “الجيش الإسرائيلي” لإسقاط تلك المساعدات جواً فوق مناطق في السويداء، وهو ما أثار قلق دمشق من استغلال هذا المسار الإنساني في تهريب السلاح للفصائل الدرزية.

أهداف “إسرائيل” من الممر الإنساني إلى السويداء

رغم الغطاء الإنساني الذي تحاول “إسرائيل” الترويج له، إلا أن خلف هذا الطلب أجندات سياسية وأمنية واستراتيجية، من أبرزها بحسب مركز جسور للدراسات:

1. تحسين الصورة الدولية لـ “إسرائيل” بعد حصار غزة

تسعى “إسرائيل” لتلميع صورتها التي تضررت بشدة بسبب حصارها المفروض على قطاع غزة، والذي تسبب بمجاعة ووفيات جماعية، وواجهت انتقادات دولية حادة وصلت لحد اتهامها بارتكاب إبادة جماعية. “إسرائيل” تأمل عبر هذا الممر أن تظهر بمظهر المهتمة بحقوق الإنسان، رغم أن الوساطة تأتي من واشنطن التي استخدمت حق النقض (الفيتو) لحمايتها من الإدانة في مجلس الأمن.

2. اتهام الحكومة السورية بالتمييز ضد الدروز

تحاول “إسرائيل”، بحسب مركز جسور، تصوير الحكومة السورية على أنها تمنع المساعدات عن السويداء بدوافع طائفية ضد الدروز. إلا أن بيان عمّان المشترك بين سوريا والأردن في 12 آب/أغسطس 2025 فنّد هذه المزاعم، حيث أكد التزام دمشق بزيادة تدفق المساعدات الإنسانية، بالتعاون مع وكالات الأمم المتحدة، كما فتحت ممرات إنسانية داخلية للمدنيين، دون تسجيل أي مضايقات أو اعتقالات.

3. تثبيت نفوذها داخل الأراضي السورية

من خلال هذا الممر، تحاول “إسرائيل” ترسيخ وجودها داخل سوريا، عبر دعم جماعات محلية موالية لها. هذه الخطوة تهدف إلى التدخل في الشأن السوري وزعزعة الاستقرار، خاصة في المناطق الخارجة عن السيطرة المركزية.

4. إثارة الفتن بين مكونات المجتمع السوري

يقول مركز جسور إن المشروع الإسرائيلي يسعى إلى تحريض الأقليات الأخرى مثل الأكراد والعلويين على الدخول في صراع مع الحكومة السورية، تحت غطاء المساعدات الإنسانية أو الحماية الدولية، وهو ما يهدد السلم الأهلي والمصالحة المجتمعية التي تعمل عليها دمشق بدعم دولي.

5. تدويل ملف الأقليات بهدف تقسيم سوريا

الهدف الأبعد لـ “إسرائيل” يتمثل في الدفع نحو تدويل ملف الأقليات في سوريا، وتقديمهم كضحايا يستحقون الحماية الدولية. وبهذا، يمكن التمهيد لإقامة كيانات شبه مستقلة أو “كانتونات” خارجة عن سيطرة الحكومة، تحت حماية قوات محلية مسلحة، وهو ما يُعتبر تهديدًا لوحدة الأراضي السورية.
والمفارقة أن الولايات المتحدة تقدم في الوقت ذاته ورقة إلى الدولة اللبنانية حول نزع سلاح حزب الله، فيما تتوسط في سوريا لاتفاق يُؤمّن للفصائل الدرزية الاحتفاظ بسلاحها، وبسيطرتها على جزء من الأراضي السورية.

6. موقف الحكومة السورية والمجتمع الدولي

من الواضح أن هذه التحركات تتجاوز البعد الإنساني، لذلك يُتوقّع أن ترفض الحكومة السورية أي اتفاق مع “إسرائيل” لفتح ممر إنساني إلى السويداء، خاصة أن المساعدات الدولية تصل حالياً عبر قنوات معترف بها. كما أن استمرار التعاون مع الأمم المتحدة يضمن تلبية احتياجات المدنيين في المحافظة دون الحاجة لتدخل إسرائيلي مشبوه، وفقاً لمركز جسور للدراسات.

 

إقرأ أيضاً: واشنطن تتوسط لإنشاء ممر إنساني بين إسرائيل والسويداء جنوب سوريا

إقرأ أيضاً: بيان مجلس الأمن الدولي حول السويداء يثير ردود سورية أفعال متناقضة

حساباتنا: فيسبوك  تلغرام يوتيوب تويتر

المزيد ايضا..
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.