موجة حر شديدة: ارتفاع قياسي في درجات الحرارة فاقم الأزمات في سوريا

شهدت سوريا وعدد من دول الشرق الأوسط موجة حر غير مسبوقة منذ حوالي الأسبوع الحالي، حيث تجاوزت درجات الحرارة معدلاتها السنوية بشكل كبير، ما تسبب في أزمات متفاقمة في الكهرباء والمياه، إضافة إلى نفوق آلاف الطيور والمواشي، خاصة في المناطق الشمالية والشرقية من البلاد.

حرارة قياسية… وأثر مباشر على الحياة اليومية

بدأت درجات الحرارة بالارتفاع تدريجياً منذ الجمعة الماضي، لتسجل 44 درجة مئوية في العاصمة دمشق، وتصل إلى 49 درجة مئوية في مناطق البادية والجزيرة السورية، بحسب بيانات الأرصاد الجوية السورية.

ويرجع هذا الارتفاع الحاد إلى امتداد منخفض موسمي هندي سطحي، ترافق مع مرتفع جوي شبه مداري في طبقات الجو العليا، ما أدى إلى بقاء الأجواء شديدة الحرارة، وسط تحذيرات من استمرار الموجة حتى نهاية الأسبوع.

أزمة كهرباء حادة رغم استيراد الغاز

رغم التصريحات الحكومية الأخيرة التي تحدثت عن تحسن وشيك في ساعات التغذية الكهربائية نتيجة وصول الغاز الأذربيجاني، شهدت البلاد انقطاعات واسعة وعامة للتيار الكهربائي، ترافقت مع أعطال فنية في محطات التوليد.

وسجلت العاصمة دمشق خلال منتصف الأسبوع تغذية كهربائية لا تتجاوز ساعة وصل مقابل 7 ساعات قطع في بعض المناطق، بينما أعلنت وزارة الكهرباء عن انقطاع التيار في عدة محافظات بسبب الضغط الكبير على الشبكة.

وقال أحمد السليمان، مدير الاتصال الحكومي في وزارة الطاقة، إن الأعطال سببها ارتفاع درجات الحرارة والرطوبة بشكل غير متوقع، إضافة إلى تقادم البنية التحتية الكهربائية، مشيراً إلى أن الفرق الفنية تعمل على إصلاح الأعطال تدريجياً.

الغاز الأذري ليس كافياً

رغم استلام حوالي 1.4 مليون متر مكعب من الغاز يوميًا حتى الآن، إلا أن هذه الكمية لم تكن كافية لتعويض الأعطال الناتجة عن الموجة الحارة، خصوصًا أن محطات التوليد لم تشهد صيانة كافية منذ سنوات.

أزمة مياه شرب خانقة في دمشق والأرياف

تزامنت أزمة الكهرباء مع شح حاد في مياه الشرب، خاصة في دمشق التي أصبحت تعاني من نظام تقنين قاسٍ: يومي انقطاع مقابل يوم ضخ واحد فقط، مع فترات تقنين أطول في الأرياف.

وأفادت مصادر حكومية بانخفاض كبير في منسوب مياه نبعي عين الفيجة وبردى، حيث تراجع التدفق إلى 1.6 متر مكعب في الثانية فقط، مقارنة بـ4.5 متر مكعب في العام الماضي، وأكثر من 12 متر مكعب خلال أشهر الفيض.

هذا التراجع يعود إلى انخفاض نسبة الهطولات المطرية بنسبة 27% عن المعدل السنوي، ما فاقم أزمة المياه في وقت حرج.

وتعاني أغلب الأحياء من وصول ضعيف للمياه حتى في أوقات الضخ، ما دفع المواطنين للاعتماد على صهاريج المياه بأسعار مرتفعة تفوق قدرة معظم الأسر.

خسائر فادحة في الثروة الحيوانية والدواجن

أسفرت موجة الحر عن نفوق آلاف الطيور الداجنة وعشرات المواشي في مناطق متفرقة، خاصة في القامشلي وحماة، نتيجة انقطاع الكهرباء وعدم وجود وسائل تبريد فعالة.

وأفاد مربو دواجن بأنهم فقدوا أعدادًا كبيرة من الطيور، في واحدة من أسوأ موجات الخسائر التي شهدها القطاع منذ سنوات. وقال أحد المربين إن “درجات الحرارة المرتفعة تسببت بخسائر ضخمة تهدد استمرار التربية في المدى القريب”.

وأعلنت وزارة الاقتصاد السورية عن وقف استيراد الفروج المجمد اعتبارًا من الجمعة، في خطوة تهدف إلى حماية المنتج المحلي في ظل الظروف المناخية القاسية.

تداعيات مباشرة على النقل والمرافق العامة

أدى ارتفاع درجات الحرارة إلى عزوف المواطنين عن الخروج خلال النهار، ما تسبب بازدحام شديد في وسائل النقل العامة خلال ساعات الذروة، وسط ضعف التكييف وصعوبة التنقل في هذه الظروف الجوية.

رياح وغبار يزيدان المعاناة

شهدت عدة مناطق داخلية وريفية رياحًا نشطة تجاوزت سرعتها 65 كم/ساعة، ما تسبب بإثارة زوابع غبارية كثيفة، خاصة في الجزيرة والبادية، الأمر الذي زاد من المعاناة البيئية والصحية.

سوريا تحت ضغط مزدوج من الطقس وسوء البنية التحتية

تعكس أزمة ارتفاع الحرارة في سوريا هشاشة البنية التحتية في مواجهة التغيرات المناخية، حيث أظهرت موجة الحر قصورًا كبيرًا في الكهرباء والمياه والقطاعات الحيوية الأخرى.

ومع بدء انحسار الموجة الحرارية، تبرز الحاجة إلى خطط استجابة عاجلة واستثمار طويل الأمد في البنى الخدمية لتجنب تكرار الكارثة في فصول الصيف المقبلة.

 

إقرأ أيضاً: انكسار موجة الحر: انخفاض مرتقب في درجات الحرارة اليوم الجمعة

إقرأ أيضاً: انقطاعات الكهرباء في سوريا تستمر رغم وصول شحنات الغاز

المزيد ايضا..
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.