حلت الذكرى السابعة عشر لعيد الصحافة السورية المحدد في الخامس عشر من آب من كل عام، والذي تم اختياره رسمياً عام 2006 من قِبل المؤتمر الرابع لاتحاد الصحفيين كعيد للصحفيين السوريين تكريماً لهم.
وامتلكت سورية تاريخاً عريقاً على صعيد العمل الصحفي، جعلها من أوائل الدول العربية التي دخلت هذا المضمار، وشكلت الصحافة السورية منذ تأسيسها صوتاً داعماً لكل قضايا المنطقة العربية، في مواجهة الاستعمار والانتداب والاحتلال والمؤامرات الغربية، ونقدم لكم في هذا التقرير أبرز المحطات من تاريخ الصحافة في سورية.
البدايات
استعانت الحكومات في منطقتنا منذ نشوئها بوسائل تساعدها على إيصال قراراتها للعامة، بشكل يضمن انتشارها لدى الجميع، فكانت البداية مع تشكيل فرق جوالة تدور في الأحياء تنادي بـ “الفرمانات”، ثم تم الاستعانة بمآذن الجوامع لإذاعة البلاغات الرسمية، إلى أن دخلت فكرة الصحف على العالم العربي من بوابة مصر عام 1828، عبر صحيفة “الوقائع المصرية”، لتكون أول صحيفة عربية.
وأُطلقت سورية أول صحيفة في تاريخها تحت اسم “سورية” عام 1865، في عهد الوالي العثماني راشد باشا، حيث كانت صحيفة أسبوعية، تصدر من 4 صفحات مناصفة بين اللغتين العربية والتركية، واختصت بنشر أوامر الحكومة، والحوادث الرسمية في الولاية مع إعلانات الدوائر الحكومية، وأُغلقت عام 1918 مع هزيمة العثمانيين في الحرب العالمية الأولى.
وبعد تحرير سورية وبلاد الشام من الحكم العثماني بشهرين، تأسست صحيفة “سورية الجديدة”، من قِبل توفيق يازجي وحبيب كحالة، وتألفت من 4 صفحات، استمرت في صدورها اليومي عدا الأحد حتى تاريخ إغلاقها عام 1926، من قبل سلطات الاحتلال الفرنسي بسبب دعمها للثورة السورية الكُبرى.
المضحك المبكي
في عام 1929، تأسست واحدة من أهم الصحف في تاريخ الصحافة السورية، “المضحك المبكي”، لصاحبها حبيب كحالة، والتي كانت تعالج موضوعاتها بأسلوب ساخر وناقد، ما عرضها لتوقيفات متكررة خلال حكومة الاحتلال، ولاحقاً خلال عهد الاستقلال، ثم الوحدة مع مصر، واستمرت في العمل حتى إغلاقها كُلياً في أيار 1966.
الأيام
أسست الكتلة الوطنية المناهضة للاحتلال الفرنسي عام 1931 صحيفة “الأيام”، ولاقت رواجاً كبيراً بين السوريين، وفي 1932 انتقلت ملكية “الأيام” للصحفي نصوح بابيل، حيث ازدهرت الصحيفة في كنفه، وأصبحت تصدر كل يوم جمعة بـ 12 صفحة، وكتب فيها كبار الأدباء والمفكرين السوريين، أمثال محمد الماغوط، وعبد السلام العجيلي، وحنا مينه، وميشيل عفلق، وقسطنطين زريق، واستمرت في عملها حتى 1963.
أرقام ذهبية
تواجد على الساحة الصحفية في سورية بين 1918 و1948، حوالي 300 صحيفة، ومجلة، ونشرة دورية، يومية، وأسبوعية، وشهرية، ناطقة بالعربية، والتركية، والفرنسية، منها استمر طيلة هذه الفترة، ومنها تم إغلاقه خلالها، وكان لدمشق الثقل الأوزن من بينها بحوالي 186 صحيفة، على مدار الثلاثين عاماً، تليها حلب بحوالي 60 صحيفة.
معاناة
عانت الصحافة السورية بعد فترة الخمسينات من تخبطات كثيرة، تتعلق بمساحة الحرية في تناول المواضيع الصحفية، وازدياد المحاذير والضوابط، إضافة لقلة تعاون المعنيين في الشأن العام مع الصحفي، لناحية تزويده بالمعلومات، عدا عن ضعف التجهيزات، والترهل الإداري، وقلة المردود المالي.
ومنذ 2011، زادت ظروف الحرب من أوجاع العاملين في قطاع الصحافة، فمن جهة تعرض الإعلام السوري لحملة تشويه ممنهجة من قِبل الماكينات الإعلامية التابعة للدول التي استهدفت سورية، إضافة لتعرض الكوادر الإعلامية والصحفية العاملة ضمن سورية إلى عمليات استهداف من التنظيمات الإرهابية، أدت لاستشهاد وإصابة عدد كبير من الصحفيين والإعلاميين، سواء عبر الاغتيال أو الاستشهاد على خطوط النار في مواجهة الإرهابيين.