اجتمعت الدول الصناعية والنفطية في الإمارات العربية المتحدة ضمن مؤتمر قمة الأطراف COP28، في محاولة للتوصل إلى اتفاق من شأنه تقليل مخاطر الانبعاثات الكربونية والغازات الدفية الناجمة عن صناعاتهم والتي سببت تغيرات مناخية أفضت إلى حدوث كوارث وفيضانات وحرائق راح ضحيتها آلاف البشر وخسائر اقتصادية كبرى.
أسبوعين من المناقشات والمداولات حول سبل وطرق الحفاظ على المناخ وضمان بقاء الارتفاع في درجات الحرارة أدنى من درجتين مئويتين عن معدلات ما قبل الثورة الصناعية وألا يتجاوز ارتفاع درجات الحرارة 1.5 درجة مئوية الامر الذي يتطلب خفض الانبعاثات إلى صافٍ صفري بحلول منتصف القرن الجاري.
البداية المفعمة والقوية لمؤتمر الأطراف سرعان ما تلاشت مع إصرار الدول الكبرى حرف مسار المؤتمر من خلال مناقشة طرق تعويض الدول المتضررة من التغيرات المناخية، بدلاً من وضع حلول جذرية لهذه المشكلة العالمية، حيث رصدت الدول المشاركة 700 مليون دولار، للتعويض والتي وصفها مراقبون انها غير أن هذه التعهدات إلى الآن بعيدة جداً عن تغطية احتياجات البلدان النامية المتضرر الأكبر من أثار التغير المناخي والتي من المحتمل أن تصل خسائرها الاقتصادية الى إلى 580 مليار دولار بحلول عام 2030
المداولات والمناقشات حول التعويضات لم تعجب معظم الدول المشاركة الأمر الذي استدعى تمديد اجتماعات المؤتمر للتباحث حول إمكانية الاستغناء عن الوقود الأحفوري باعتباره المسبب الرئيسي والأكبر للاحتباس الحراري، وهو ما عارضته بعض الدول كالولايات المتحدة الأمريكية باعتبارها تعتمد بنسبة 60% عليه في صناعاتها، وكذلك الامر ينطبق على كل من السعودية والعراق التي عارضت التخلي عن النفط والغاز الا في حالة حصولها على ضمانات كبيرة تعوض إجراءات التخلي عن الوقود الاحفوري .
وبعد مناقشات طويلة وصعبة توصلت الدول الـ 200 المشاركة في مؤتمر الأطراف إلى اتفاق ينص على “التحول” باتجاه التخلي عن الوقود الأحفوري بهدف الوصول إلى الحياد الكربوني في عام 2050 بما يتماشى مع توصيات العلم.
وطالبت نحو 130 دولة بينها الاتحاد الأوروبي والدول الجزرية والولايات المتحدة والبرازيل بصياغة نص طموح يرسل إشارة واضحة للبدء في مسار التخلي عن الوقود الأحفوري عن طريق مضاعفة قدرات الطاقة المتجددة ثلاث مرات ومضاعفة وتيرة تحسين كفاءة الطاقة مرتين بحلول عام 2030، وتسريع التكنولوجيات ذات انبعاثات “صفر كربون” أو “المنخفضة الكربون”، بما في ذلك الطاقة النووية والهيدروجين المنخفض الكربون وتقنيات احتجاز الكربون وتخزينه وهي ما زالت غير ناضجة ولكن تحبّذها البلدان الغنية بالنفط حتى تتمكن من الاستمرار في إنتاجه.
يعتبر اتفاق مؤتمر الأطراف في الاستغناء عن الوقود الأحفوري قراراً تاريخياً يسجل للأمم المتحدة للحد والتخفيف من ظاهرة التغير المناخي وحماية الكوكب من الكوارث التي ستنجم عن ارتفاع درجة حرارة الأرض بفعل الانبعاثات الكربونية، ولكن هل سيكون اتفاق مؤتمر الأطراف لاستغناء عن الوقود الأحفوري مجرد حبر على ورق؟ الأيام القادمة كفيلة بالإجابة عن ذلك.