تقارب واشنطن ودمشق يثير قلقاً إسرائيلياً من «ضغوط وتنازلات ميدانية»

تزداد المخاوف داخل الأوساط السياسية والأمنية في كيان الاحتلال من التقارب المتسارع بين الولايات المتحدة وسوريا، وسط تقديرات بأن أي تفاهمات جديدة بين الطرفين قد تدفع “تل أبيب” إلى قبول «ترتيبات ميدانية غير مرغوبة»، وفق ما أفادت به صحيفة يديعوت أحرونوت اليوم الجمعة.

وذكرت الصحيفة أن “الجيش الإسرائيلي” يواصل منذ أسابيع أعمال ترميم وتحصين مواقع عسكرية يسيطر عليها في قمة جبل الشيخ السورية، في وقت تتنامى فيه القناعة لدى مؤسسات الأمن بأن التقارب بين الرئيس الأميركي دونالد ترامب والرئيس السوري أحمد الشرع قد يؤثر في مستقبل “الوجود العسكري الإسرائيلي” في الجولان السوري المحتل، خصوصاً في المناطق التي تراها تل أبيب حساسة استراتيجياً.

اتصالات غير مثمرة بين تل أبيب ودمشق

وبحسب التقرير، شهدت الأشهر الماضية مباحثات غير معلنة بين ممثلين عن حكومة بنيامين نتنياهو وجهات سورية، هدفت إلى صياغة تفاهم جديد لوقف إطلاق النار في الجولان بديلاً عن اتفاق فضّ الاشتباك لعام 1974، الذي انهار عملياً بعد انهيار نظام بشار الأسد. وأوضحت الصحيفة أن الاتصالات لم تُفضِ إلى أي اتفاق، وأن النقاش يدور حول «تهدئة ميدانية» محتملة، لا علاقة لها بسلام أو تطبيع.

وترى المؤسسة الأمنية الإسرائيلية أن أي تفاهم جديد قد يُفرض على إسرائيل في حال تبنته واشنطن، ما يدفع بعض الجهات إلى مطالبة نتنياهو بعدم التنازل عن الوجود طويل الأمد في قمة جبل الشيخ، لما تمنحه من قدرة رقابية واسعة من الشمال، ولأهميتها في متابعة نشاطات التهريب بين سوريا ولبنان، خاصة تلك المرتبطة بحزب الله.

بحث انسحاب جزئي من مواقع داخل الجولان

ويحتفظ الجيش الإسرائيلي، وفق التقرير، بثمانية مواقع داخل الجولان السوري على مسافة قليلة من خط الفصل، بمحاذاة عشرات القرى في منطقة حوران. ورغم أن الاحتكاك مع السكان المحليين بقي محدوداً، أشارت الصحيفة إلى حوادث فردية شهدت رفض بعض الأهالي—ممن كان لهم ارتباط سابق بفصائل مسلحة—تسليم أسلحة.

وتدرس تل أبيب، بحسب المعلومات المتداولة، إمكانية الانسحاب من بعض هذه المواقع مقابل تفاهم يضمن «حرية العمل» ضد أي تهديدات محتملة، خصوصاً في المناطق التي حاولت إيران وحزب الله تعزيز وجودهما فيها خلال السنوات الماضية. فيما تظل قمة جبل الشيخ نقطة تمسك بها المؤسسة العسكرية الإسرائيلية، رغم أن القرار النهائي —وفق الصحيفة— لن يُحسم في تل أبيب وحدها، بل في واشنطن وأنقرة.

دور تركي وتأثيرات على العلاقة الأميركية–الإسرائيلية

وتتابع الأوساط الأمنية في “إسرائيل” بقلق التقارب بين ترامب والرئيس التركي رجب طيب إردوغان، الذي يُعتقد أنه يسهم في فتح قنوات اتصال غير مباشرة بين واشنطن ودمشق. ويأتي ذلك في ظل ما وصفته الصحيفة بحالة «استغراب» أثارتها حفاوة استقبال الشرع في البيت الأبيض، حيث اعتبر ضباط إسرائيليون أن التعامل الأميركي مع القيادة السورية الجديدة يعكس تحولاً قد تكون له تداعيات على حسابات الأمن الإسرائيلي.

ونقلت الصحيفة عن مسؤول عسكري قوله إن واشنطن «لم يسبق أن استقبلت قائداً عسكرياً أو سياسياً من خلفية قتالية معقدة بهذا القدر من الود»، في إشارة إلى مشاركة الشرع في مباراة كرة سلة مع جنرال أميركي بارز خلال زيارته الأخيرة.

الجيش السوري الجديد… وتراجع التركيز على الجنوب

وفي سياق موازٍ، واصل “الجيش الإسرائيلي”، بحسب التقرير، استهداف ما تبقى من المعدات الثقيلة التابعة للنظام السابق. وتقدّر الأوساط الإسرائيلية أن الشرع يعمل على بناء جيش مختلف عن الجيوش العربية التقليدية، قائم على تشكيلات صغيرة وخفيفة الحركة. وتشير التقديرات إلى أن قوات الشرع تركز عملياتها شمال دمشق لاستعادة السيطرة، مع تراجع نسبي للوجود العسكري في الجنوب القريب من إسرائيل.

لقاء «سنتكوم» يثير اهتماماً إسرائيلياً

وأثار اللقاء الذي جمع قائد القيادة المركزية الأميركية (سنتكوم) الجنرال براد كوبر بالرئيس السوري في دمشق، قبل نحو ثلاثة أشهر، اهتماماً كبيراً داخل المؤسسات الأمنية الإسرائيلية، لا سيما بسبب العلاقة الوثيقة بين كوبر وإسرائيل. واعتُبر حضور زوجة كوبر في الاجتماع إشارة سياسية «لافتة» على رغبة واشنطن في توسيع مستوى العلاقة مع دمشق، رغم استمرار نيتها المعلنة في تقليص وجودها العسكري في المنطقة.

مخاوف من «براغماتية الشرع» ومحيطه

وتحذر الأجهزة الأمنية الإسرائيلية من أن الشرع يظهر قدراً من البراغماتية في تصريحاته، لكنه محاط بشخصيات تُعتبر ذات توجهات «معادية لإسرائيل»، ما يجعل توقع مسار العلاقة المستقبلية أمراً غير مضمون بالنسبة لتل أبيب.

اقرأ أيضاً:توغل إسرائيلي جديد جنوبي سوريا ومداهمة منزل في درعا

حساباتنا: فيسبوك  تلغرام يوتيوب تويتر انستغرام

المزيد ايضا..
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.