مذكرات التفاهم الاقتصادية: اجحاف بحق تجار دمشق
في خطوة تهدف الحكومة السورية من خلالها إلى تنشيط القطاعات الإنتاجية وتهيئة الأرضية لمرحلة إعادة الإعمار، وقعت خلال الأشهر الماضية مذكرات تفاهم اقتصادية بمليارات الدولارات مع شركات عربية ودولية، شملت اتفاقيات بمليارات الدولارات مع السعودية وقطر والإمارات، إضافة إلى وعود بضخ استثمارات أخرى مستقبلية، وفق ما أكد رئيس غرفة صناعة دمشق وريفها، محمد أيمن المولوي.
وأوضح المولوي أن البلاد دخلت مرحلة اقتصادية جديدة تعتمد على جذب الاستثمارات النوعية في مجالات الصناعة والبناء والطاقة، مشيراً إلى توقيع 47 اتفاقية خلال المنتدى الاستثماري السوري-السعودي الأخير.
غياب التجار المحليين عن المعادلة
إلا أن تجار دمشق وغرف التجارة والصناعة المحلية يواجهون واقعاً أقل إشراقاً، إذ تشير مصادر إلى أن مشاركتهم في حال تحويل مذكرات التفاهم إلى مشاريع عملية ستكون محدودة للغاية، خصوصاً في مشاريع ضخمة مثل الأبراج السكنية، الفنادق، المطارات ومشاريع البنية التحتية الكبرى، والتي تحتاج إلى شركات ضخمة ومستثمرين دوليين، وهو ما يضع التجار المحليين خارج معادلة الاستفادة.
تاجر من دمشق، تحفظ على ذكر اسمه، قال إن دور التجار المحليين قد يقتصر على توفير مواد أولية أو تقديم خدمات محدودة، بينما تُدار المشاريع الكبرى بالكامل عبر شركات محسوبة أو مرتبطة بالجهات الحكومية، ما يمثل “إجحافاً بحق القطاع التجاري المحلي”. وأضاف أن هناك تذمر واضح بين رجال الأعمال المحليين بسبب عدم إشراكهم في الإعداد لمذكرات التفاهم، والتي اقتصرت على طبقة محددة من رجال الأعمال المقربين من الحكومة الانتقالية.
فرص محدودة ومنافع مشروطة
وبحسب المصادر، فإن التجار المحليين قد يشاركون في بعض المجالات الثانوية، مثل التطوير العقاري، خدمات البنية التحتية، النقل، وتوريد مواد البناء، ما قد يوفر فرص عمل محلية محدودة. إلا أن هذه المشاركة لن تمثل سوى نسبة صغيرة مقارنة بحجم الاستثمارات المقررة، ولن تسمح لهم بالمنافسة على المشاريع الكبرى.
الخبير الاقتصادي الدكتور عمار يوسف شكك في قدرة التجار المحليين على المنافسة ضمن هذه المشاريع الضخمة، مشيراً إلى أن بعض الشركات حصلت على تسهيلات كبيرة مقابل غياب أي دعم أو امتياز للتجار المحليين. وتساءل يوسف عن مدى استفادة المواطنين السوريين من المشاريع السياحية أو الأبراج السكنية، معتبرًا أن مشاريع كهذه غالباً ما تستهدف المستثمرين الأجانب، بينما العمالة المحلية ومؤسساتها، مثل غرف التجارة والصناعة، خارج دائرة التخطيط والتنفيذ. كما أشار إلى قرار نقابة المهندسين السوريين الأخير الذي اعتبر المهندس السعودي الراغب بالعمل في سوريا منتسباً للنقابة، ما يعني تقليص مشاركة المهندسين السوريين في المشاريع الجديدة.
الآثار الاقتصادية والاجتماعية
رغم ذلك، يرى يوسف أن تنفيذ مذكرات التفاهم، حتى مع محدودية مشاركة التجار المحليين، سينعكس إيجاباً على الاقتصاد الوطني، إذ يسهم في ضخ استثمارات كبيرة، وتحريك عجلة المشاريع الإنتاجية والبنية التحتية. لكنه شدد على أن عدم إشراك القطاع التجاري المحلي يمثل تحدياً حقيقياً لتحقيق توزيع عادل للفوائد الاقتصادية، ويضعف دور الغرف التجارية والصناعية في تعزيز الاقتصاد المحلي، ما يثير تساؤلات حول مدى تحقيق التنمية الشاملة ومشاركة الجميع في عملية إعادة الإعمار.
إقرأ أيضاً: ما بعد الأسد: من يرث اقتصاد المخدرات في سوريا؟
إقرأ أيضاً: دمشق تنفي صفقات التسوية السرّية: إعادة هيكلة الاقتصاد لا تعني العفو
حساباتنا: فيسبوك تلغرام يوتيوب